المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون جهاز حماية المستهلك أقرت ضرورة أن يلتزم المورد بإعلان السعر الشامل للسلعة التي يعرضها أو يقدمها للمستهلك، من خلال كتابته بشكل واضح على السلعة ذاتها أو بوضع ملصق عليها، وقد التزمت أغلب الشركات والعلامات التجارية طول الفترة الماضية بهذه المادة، حتى لا تقع تحت طائلة القانون، إلا أن طفرات الأسعار التي صرنا نشهدها خلال الأشهر الماضية، بالتزامن مع التضخم المستورد من الخارج، الذى يرفع أسعار بعض السلع وقطع الغيار إلى نسب غير مسبوقة، بدأت أولويات الشركات والتوكيلات التجارية في أسلوب إعلان الأسعار تتراجع وتخرج عن الإطار القانوني.
بالطبع هناك ارتباك في أسواق بعض المنتجات التي تعتمد بصورة مباشرة على الخامات المستوردة من الخارج، مثل السلع المعمرة على اختلاف أنواعها، ارتباطاً بالتغيرات المستمرة في أسعارها، الأمر الذي يدفع أصحاب المحال التجارية أو بعض التوكيلات إلى نزع ملصق الأسعار، فإذا ما سأل الزبون عن السعر فيجيبه مسئول المبيعات، بأن الأسعار تتغير يومياً، ومن الصعوبة تحديثها على الملصقات، هذا وإن كان عملياً مقبول، لكنه مخالف لنص لائحة قانون جهاز حماية المستهلك، ويعتبر بمثابة غش وتضليل للزبون.
بعض البراندات والتوكيلات التجارية تلتزم بإعلان أسعار السلع والمنتجات بملصقات واضحة، لكنها ترتكب خطيئة أكبر يكتشفها الزبون في لحظة الدفع، التي يُفاجأ خلالها بأن هناك اختلاف بين السعر المعلن والموجود على الملصق، وقد كنت أحد ضحايا هذه الطريقة الأسبوع الماضي، في أحد المحال الشهيرة بشارع محيى الدين أبو العز في الدقي، واكتشفت زيادة بحوالى 20% عند الدفع، عن تلك القيمة المعلنة على ملصق السلعة، وهذا بالطبع غش تجاري، حتى وإن كانت الأسعار ارتفعت فعلياً، فالمستهلك يشترى السلعة بناء على الملصق المعلن، لكن ما يحدث بات أشبه بـ الإعلانات الوهمية المضللة، التي يستخدمها البعض لـ "جر رجل الزبون"، ثم تنكشف الخديعة.
بالطبع يجب أن نأخذ في الاعتبار تقلبات الأسواق عالمياً ومعدلات التضخم الكبيرة، لكن أيضا يجب أن تراعى هذه الشركات والمصانع والتوكيلات التجارية أن البضائع المخزنة والسلع التي تم تصنيعها بأسعار قديمة يجب أن تباع بنفس أسعارها دون ربطها بالزيادات الجديدة، فهذه للأسف ظاهرة لا تحدث إلا في مصر، وعندما تزيد أسعار المنتج تتحول كل البضائع المكدسة في المخازن إلى ثروات طائلة في أيدي أصحابها، دون مراعاة لحقوق المستهلك، لذلك يجب أن تتغير هذه الثقافة، أولا من خلال وعى المستهلك وإبلاغه عن المخالفات فور رصدها، ثانياً بتكثيف الرقابة من الأجهزة المعنية لتحقيق الردع اللازم في كل ما يخص قضية إعلان أسعار السلع والمنتجات بالصورة التي حددها القانون.
قضية مراقبة إعلان الأسعار على المنتجات تقع ضمنياً في اختصاصات جهاز حماية المستهلك، لكنها في الحقيقة مسئولية مشتركة لدى العديد من الأجهزة، خاصة أن "حماية المستهلك" وإن كان يمتلك قانون ممتاز وصلاحيات واسعة ولائحة مرنة، إلا أنه لا يمتلك العمالة الكافية لممارسة نشاطه في ضبط الأسواق كما ينبغي، لذلك صدق أو لا تصدق فإن إجمالي عدد العاملين في جهاز حماية المستهلك حوالي 600 شخص، موزعين على 18 فرعاً في القاهرة والمحافظات، في حين يتلقون آلاف الشكاوى شهرياً، ومطلوب منهم زيارات ميدانية، ومتابعات على الأرض ورقابة مستمرة وفعالة، لذلك يجب النظر بجدية لطبيعة الدور الخطير الذى يقدمه هذا الجهاز، والعمل على توفير الإمكانيات اللازمة له بصورة تكفل تنفيذ مهامه على الوجه الأكمل، وتضمن دوراً فاعلاً في ضبط الأسواق.