من المقدر الدور الذى تقوم به دار الإفتاء المصرية خلال السنوات الماضية في مواجهة التطرف وعشوائية الفتوى وتصحيح مسار الخطاب الدينى وتجديده بآليات معاصرة ومتخصصة في ظل العبث وفوضى الفتاوى الشاذة بعصر الحداثة وانتشار الشائعات واستخدامها من قبل قوى الشر والظلام كسلاح فتاك وتوظيفها لأغراض خبيثة ومسمومة، بالتزامن مع قيامها بجولات خارجية لعرض جهودها وتجاربها في مواجهة الإرهاب، الأمر الذى يُعزز من ريادة مصر وقوتها الناعمة، وكانت آخر هذه الجهود زيارة فضيلة الدكتور شوقي علام إلى بريطانيا، وإلقائه خطابا مهما أمام البرلمان البريطانى وعرض تجربة مصر في مواجهة الإرهاب والتطرف الدينى.
لتتواصل هذه الجهود بتنظيم مؤتمر دولى لمركز "سلام" التابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم، فى القاهرة، بمشاركة نخبة كبيرة من الباحثين ورجال الدين والمتخصصين، لتبادل الخبرات والتعاون لمواجهة أفكار أهل الضلال والإرهاب والتطرف، والدعوة إلى الخطاب الديني المستنير، المستند إلى الفكر القويم والنفس الطاهرة.
وبما أن استعادة مصر لدورها الريادى مطلب عاجل وضرورى، فإن مثل هذه المؤتمرات الدولية وما تفعله المؤسسات الدينية في ظل الجمهورية الجديدة نافذة وبارقة أمل لعودة هذه الريادة للدولة المصرية من جديد، خاصة أن هذه الجهود تُساهم قطعا في نشر التوعية والفهم الحقيقي والواقعي لصحيح الدين وتحقيق الاستقرار المجتمعي ومواجهة الإشكاليات التي تواجه الفتاوى نتيجة تدخل غير المتخصصين واستغلال أهل الضلال، لكن المهم أيضا أن مؤسساتنا الدينية قادرة على مواكبة التطورات العميقة فى انتشار استخدام المنصات الإلكترونية التي تبث أفكاراً مغلوطة وتبث سموما وإرهابا، الأمر الذى يعمل على ترسيخ مكانة مصر كمنارة للوسطية والاعتدال في العالمين العربي والإسلامي والعالم أجمع.
وختاما، ما أحوجنا الآن لهذه الجهود وهذه المؤتمرات وتلك التحركات المقدرة التي تكشف حجم المسؤولية والدور الهام الذي تضطلع به مؤسساتنا الدينية المتمثلة في دار الإفتاء والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، خاصة فيما يتعلق بتنقية الخطاب الديني من أجل التصدي للرؤى المشوشة التي تمس ثوابت العقيدة والمفاهيم الدينية المستنيرة، وتدعو إلى استغلال الدين لأهداف سياسية من خلال أعمال التطرف والإرهاب..