قضية تغير المناخ، من القضايا التي أصبحت مصدر تهديد للبشرية جمعاء في ظل الآثار السلبية المتزايدة كنُدرة المياه، والنمو السكانى المتسارع وتأثر المجتمعات الفقيرة في العالم النامى وأفريقيا بالظاهرة نظرا لازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولى، وعدم قيام العالم الغنى المتسبب الأول في هذه الكارثة بمسئولياته تجاه مواجهة تفاقم الأزمة من جهة، ومن جهة أخرى عدم الوفاء والالتزام بالدعم المادى الذي فرض عليه وفق توصيات مؤتمرات المناخ السابقة، والتي يبلغ 100 مليار دولار للدول المتضررة.
لذا، يأتي مؤتمر المناخ cop 17 في شرم الشيخ، وأمامه كثير من التحديات، أهمها أنه يعقد هذه المرة في ظل أزمة روسيا وأوكرانيا، والتي طالت تداعياتها العالم أجمع وأحدثت أثارا سلبية كبيرة لكثير من المجتمعات جراء موجة التضخم وارتفاع الأسعار الحاد للمواد البترولية والسلع الأساسية وتأثيراتها على سلاسل الإمداد الغذائي مما ينذر بكوارث للأمن الغذائي العالمى، وكذلك يأتي بعد جائحة كورونا التي كان لها أضرار على الاقتصاد العالمى خلال عامين متتالين.
لكن ما يُبشر أن الدولة المصرية قادرة رغم هذه التحديات والظروف، على الاستفادة من هذا المؤتمر، وتوظيفه لخدمة العالم النامى ودول أفريقيا، خاصة أن التكيّف مع التغيّرات المناخية بات أولوية لديها، وهذا وضح جليا خلال وضع سياسات تَهدُف لدعم التحوّل للاقتصاد الأخضر والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، والعمل على توفير التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا.
وأيا كان الأمر، فإن مصر وفقا لتصريحات وزيرة التخطيط، قطعت أشواطا كبيرة نحو التكيف مع المتغيرات المناخية، والنماذج كثيرة، أهمها مشروعات حماية السواحل الشمالية، بالشراكة مع صندوق المناخ الأخضر، ومشروع استصلاح 1.5 مليون فدان لتحقيق الأمن الغذائي وتعويض تدهور الأراضي الزراعية الدلتا، ومشروع إعادة تأهيل الشبكة القومية لقنوات المياه وتجديدها بتكلفة 68.5 مليار جنيه (3.65 مليار يورو)، ومشروعات تحلية المياه واستخدام الطاقات المتجددة، ومشروعات معالجة المياه العادمة ومشروعات تحسين تقنيات الري وتحديثها، فضلا عن مشروعات التنقل النظيف، وتشمل القطارات الكهربائية والقطارات أحادية السكة المونوريل واستبدال وسائل النقل العام التقليدية بمركبات كهربائية ومركبات تعمل بالغاز الطبيعي.
خلاف أنها أول دولة في الشرق الأوسط تُطلِق السندات الخضراء (750 مليون دولار) التي تُركز على تمويل النفقات المرتبطة بمشروعات خضراء صديقة للبيئة، يتكامل معه مبادرة القطاع الخاص لإطلاق سندات خضراء بقيمة تتراوح بين 120-200 مليون دولار.
وختاما.. نستطيع القول، إن مؤتمر المناخ cop 17 يعد بمثابة نافذة دولية لمصر لعرض جهودها التنموية المستدامة لتعزيز العلاقات الدولية من جهة ولجذب مزيد من الاستثمارات من جهة ومن جهة أخرى قيادة المنطقة والقارة في الدفاع عن الحقوق والحماية من هذا الخطر باعتبارها دولة رائدة في الشرق الأوسط..