كانت هناك بارقة أمل، ومعدلات ثقة مقبولة، فى نجاح اتحاد كرة القدم الحالى مع قدومه منذ قرابة 5 أشهر، للإصلاح والترميم، وإزالة أطلال الفشل والاحباطات السابقة، المتكررة، ومرت شهور خمس، ولم يشعر أحداً بقدوم الاتحاد، من الأصل، وأن الأمر لا يعدو كونه استبدال، أشخاص، بغيرهم، فقط، بينما العقلية واحدة، والاداء متطابق، والمشاكل صورة بالكربون، والأخطاء مسلسل مستنسخ وممل، وغياب تام للعمل الجماعى، واندثار للرؤية والهدف، وصراع خفى بين رئيس الاتحاد "الطيب" جمال علام، من ناحية، وعدداً من أصحاب المهارات الإدارية من ناحية ثانية، للاستئثار بالقرار، وتصدر المشهد، وهو عمل "فردى" لا يستقيم مع منطق إدارة لعبة "جماعية".
تأسيسا على هذا الأداء المرتبك، والغياب الواضح للرؤية، وقعت أخطاء، كانت حديث الشارع الكروى، وغرس أعضاء الاتحاد بإرادتهم الحرة، أقدامهم فى وحل المشاكل، وغاب عنهم النجاح فى معظم الملفات الحاسمة، وألقوا بمصيرهم فى مهب الريح، فخرجت خلال الساعات الماضية، محاولة جادة للإصلاح، منها إجراء عملية جراحية تجميلية للشكل، أعتقد إنها ناجحة، تمثلت فى الدفع بالكابتن حازم إمام، ليكون الواجهة، والقادر على حقن جزء كبير من الشارع الكروى بعقار الثقة، لما يتمتع به من شعبية كبيرة وخبرات كروية وإدارية، بجانب إنه محبوبا من الغالبية.
أعتقد، أن توزيع المهام، والملفات، كان ضروريا، وأن يتوارى بعيدا عن كاميرات وسائل الإعلام، كل من لا يمتلك القدرة على كبح جماح تصريحاته، وفق تقديرات الموقف، وحساسية الحدث، وأن يتقدم كل من يتمتع بقريحة جيدة تمكنه من التقييم الصحيح للمشهد، ويدلى بتصريحات تخمد النار المشتعلة، لا أن تزيدها بسكب بنزين الكلمات والمصطلحات غير المنضبطة، لذلك، اختيار حازم إمام ليكون متحدثا رسميا للاتحاد، بما يتمتع به من هدوء وخبرات أمام الكاميرات، أمر جيد جدا.
هذا من حيث الشكل، فماذا عن المضمون؟ بصراحة ووضوح، لابد من إجراء عملية جراحية لإصلاح المضمون، بإزالة الأورام الموجعة لجسد منظومة كرة القدم، وفق دراسة حقيقية، تتضمن أهدافاً ثلاث جوهرية:
الأولى: عاجلة وناجزة مثل ترتيب دولاب العمل اليومى للجبلاية، من ضبط وتنظيم المسابقات وإصلاح الأخطاء التحكيمية، والاهتمام بالمنتخبات الوطنية فى جميع المراحل السنية، المزمع مشاركتها فى مسابقات حالية أو قريبة، واختيار كوادر تدريبية وادارية تتمتع بالكفاءة.
الثانية، أهداف استراتيجية بعيدة المدى، عمودها الفقري اصلاح المنظومة الكروية من الجذور، من خلال الاستعانة بخبراء فى علم الإدارة الرياضية، أجانب ومصريين، ودراسة الدوريات الخمس الكبرى، وكيف تدار المسابقات فيها، وما هى اللوائح والقوانين الحاكمة للعبة، وليس عيبا أن استعين بهؤلاء الخبراء الأجانب، ومنحهم الصلاحيات الكاملة، فى خطة خمسية، تشخص موطن الداء، وتضع العلاج، ثم تنفذه، مع اعداد وتدريب كوادر مصرية قادرة أن تتسلم الراية من هؤلاء الخبراء فى المستقبل، لتدير المنظومة.
الثالثة، التعامل مع ملف كرة القدم، باعتباره صناعة، مشروع قومى كبير، يساهم بقوة وفاعلية فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية فى مصر، من خلال توفير الآلاف من فرص العمل، وضخ ملايين الدولارات، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن مكاسب الدورى الانجليزى اقتربت من 10 مليار دولار، وهو رقم ضخم، لكن ما المانع أن نحلم بأن الاستثمار الرياضى بشكل عام، وكرة القدم على وجه الخصوص، تحقق ولو ثلث هذا المبلغ؟ الأمر يحتاج إلى أهداف كبيرة، ودراسات علمية حقيقية، وكوادر مؤهلة قادرة على إحداث هذه النقلة النوعية رفيعة المستوى!
بجانب هذه الأهداف الثلاثة، الجوهرية، هناك، عامل جوهرى أخر، من دونه لن تتحق هذه الأهداف المرجوة، وهو: تحرير العقول من الهواية إلى الاحترافية، وتغليب العدل المطلق فوق الانتماءات لأندية، وإعلاء شأن المصلحة العامة، فوق المصالح الشخصية، وإزالة دمامل المجاملات، وإدراك حقيقة أن النجاح ينسب لصاحبه، والفشل أيضا.