يمر العالم اليوم بأزمة اقتصادية كبرى تلقى بظلالها على الجميع شرقًا وغربًا، كما نقرأ ونشاهد كل يوم، وبغض النظر عن الأسباب فما أشبه اليوم بالبارحة، فقد مر العالم منذ مائة عام بالضبط بأزمة مشابهة، فما الذى جرى؟.
خاض العالم حربا كبرى فى سنة 1914 انتهت فى سنة 1918، نعم انتهت الأحداث لكن النتائج لم تنته، فقد خلفت هذه الحرب وراءها اقتصادا مدمرا، وكوارث إنسانية وتغيرات سياسية خطيرة، وأوبئة، ففى الفترة من 1918 وحتى 1922 انتشر وباء الانفلونزا الأسبانية، التى قضت على ملايين، وأثرت على الأيدى العاملة مثلما أثرت الحرب، ووجد العالم نفسه فى مواجهة ما يسمى بالكساد العظيم.
والكساد العظيم أزمة كبرى استمرت سنوات طويلة زادها سوءا أنها عندما أوشكت على الانتهاء بدأت المشاحنات بين الدول الأوربية من جديد، واشتعلت الحرب العالمية الثانية، وجميعنا نعرف نتائجها.
لقد شغلنى أمر التشابه الدامى بين ظروف العالم منذ مائة عام، وبعيدا عما يطلق عليه بعض المفكرين بالحتمية التاريخية، بعضنا يقبل ذلك وبعضنا يرفضه، لكن أعتقد أن الجميع يقبل أن المعطيات تؤدى إلى نتائج، وأن نفس المعطيات تؤدى إلى نفس النتائج، ولو كررناها ألف مرة، وذلك يكشف لنا أن العالم الآن بعد كل هذا التطور ليس أفضل حالا من العالم فى سنة 1922.