من أجمل ما قاله أمير الشّعراء أحمد شوقى،: وَإِذَا أصيب القَوْمُ فِى أَخْلَاقِهِمْ.. فَأَقِمْ عَلَيْهِمْ مَأْتَمًا وَعَوِيلًا"، وقوله أيضا: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذ هبوا، فشرف الحياة هو التمسك بالأخلاق والحفاظ عليها فى زمن عز فيه الشرف، لكن ما نراه الآن فى ظل العالم الافتراضى وسيطرة السوشيال ميديا - التى أصبحت الحياة دونها شبه مستحيلة - يتطلب منا جميعا البحث عن هذا الشرف، لأن ما يحدث يؤكد أننا أمام حرب شرسة تستهدف هذا الشرف.
فكم من المخاطر والتحديات والتهديدات التى تواجه المجتمعات الآن فى ظل انتشار السوشيال ميديا وتوظيفها لتدمير الاوطان والمجتمعات دون إطلاق رصاصة واحدة، من خلال نشر الشائعات والتضليل، وتعزيز السطحية والتفاهة، وترسيخ ثقافات غريبة وعجيبة كالإلحاد والمثلية، والتركيز على القضايا الجدلية لتحل محل القضايا المهمة.
لذلك أعتقد، أن كل هذه الكوارث لا تأتى إلا من خلال ضرب الأعراف والتقاليد ومنظومة القيم والطعن فى الهوية الأخلاقية والوطنية، بداعى الحرية والتحرر، ونموذجا، ما نراه يوميا من غياب النخوة والشهامة والمروءة، لنصبح أمام مشاهد وحوادث وتصرفات كنشر فيديوهات وصور لا حياء فيها ولا أدب، والمساهمة فى نشر الشائعات، والاهتمام بتوافه الأمور لدرجة وصلت للاشمئزاز والاستفزاز.
بل المؤسف حقا امتداد الأمر إلى الحياة الواقعية، فكم من المشاهد الغير لائقة التى لا تراعى الأصول ولا الرجولة نراها يوميا فى الشوارع والمواصلات، فها هو شاب يجلس فى المترو ورجل مُسن يقف ولا يُبالى من تصرفه هذا، وأخر تتعرض سيدة عجوز للأذى أمامه ولا يحرك ساكنا، وذاك رجل ينشر فيديو رقص لبناته وأهل بيته على صفحات مواقع التواصل دون ورع أو خجل ويتفاخر به مع أصدقائه، وتلك شباب سهام ألسنتهم الموبقة تطول أى فتاة مارة فى الشارع، وهؤلاء رجال يتركون زوجاتهم وبناتهم ينزلون إلى الأسواق وهم ط منشغلون بالشات على مواقع السوشيال ميديا، وتلك شباب أصبحت لغتهم كلها جمل وألفاظ خارجة فلا يعيرون اهتماما لكبير أو صغير، فلا حياء فى المواصلات ولا الشوارع، وذاك قصص مؤلمة لعقوق الوالدين، ومشاهد عنف وجرائم لم نعرفها ولا يعرفها المجتمع من قبل تتصدر صفحات الحوادث ومواقع التواصل الاجتماعي.
لذا، يجب علينا أن نعلم أننا أمام حرب شرسة تستهدف الأمن القومى للمجتمعات وتستهدف شرف الأمة، فإذا أردنا النجاة علينا بالتسلح بالوعى والعودة للأصول التى تربينا عليها، حيث الستر وكتم الأسرار، وعدم الخوض فى الأعراض ومساعدة المحتاجين، والوقوف فى محن الأخرين غير منتظرين جزاء ولا شكورا، وعلينا بالوفاءً والإخلاص الإحسان فى تعاملنا بعضنا البعض، نريد كظم الغيظ لأجل بقاء ودً، لتسود المحبة وتنطفئ نار الحقد والكراهية ويحل محلها التقدير وحسن الجوار، هذا ما يجب فعله إذا أردنا النجاة..