تحديات كبيرة تواجه ليبيا عقب انتهاء خارطة الطريق التي وضعها ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، وانتهت فعليا ولاية حكومة الوحدة الوطنية الليبية يوم 22 يونيو الجاري بعد فشلها في تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية وإنجاز المهام الموكلة إليه من ملتقى الحوار السياسي، وهو ما يعني دخول ليبيا مرحلة انتقالية جديدة يتم الإعداد فيها للانتخابات الرئاسية والتشريعية وتنظيمها في أقرب وقت ممكن.
يمثل التوافق الليبي – الليبي أحد أبرز الخطوات التي اتخذها مجلسي النواب والدولة الليبيين خلال الأشهر الأخيرة، ما يؤكد قدرة الليبيين على حل مشكلاتهم الداخلية بعيدا عن التدخلات الأجنبية وهي رسالة ضمنية للدول المتداخلة في الصراع داخل ليبيا أو البعثة الأممية بضرورة المضي قدما نحو دعم التوافق بين الليبيين.
بحسب خارطة الطريق التي وضعها ملتقى الحوار السياسي في جنيف فكانت هناك مهام محددة رئيسية تم إسنادها إلى حكومة الوحدة الوطنية الليبية بضرورة توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة وعدم اتفاق وقف إطلاق النار وحل المشكلات الاقتصادية وتوفير الخدمات للمواطن الليبي، والأهم هو تهيئة المناخ لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 ديسمبر 2021، لكن الواضح أن حكومة الوحدة الوطنية قد فشلت في كافة المهام الموكلة إليها من ملتقى الحوار السياسي الليبي.
الروح الإيجابية التي سادت اجتماعات المسار الدستوري الليبي بين مجلسي النواب والدولة والتوافق على كافة المواد فيما عدا النقاط الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية والمسمى الذي تم التوافق عليه حيث يتمسك وفد المجلس الأعلى للدولة بأنه "قاعدة دستورية" لإجراء الانتخابات وفي المقابل يتمسك وفد البرلمان بأنه مسودة معدلة لمشروع الدستور ويجب طرحها للاستفتاء، وخلال اللقاء المرتقب خلال أيام بين رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري سيتم التشاور حول البنود الخلافية ومحاولة التواصل لتوافق كامل.
المهم خلال الأيام الماضية أيضا هو احتضان القاهرة لاجتماعات لجنة "5+5" الليبية التي ناقشت ملفات هامة بحضور الفريق أول عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان الجيش الليبي، والفريق أول ركن محمد الحداد رئيس أركان المنطقة الغربية، حيث تم التأكيد على ضرورة خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من البلاد والتشديد على ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وهو أمر هام تحتاج الدولة الليبية خلال الفترة المقبلة، وذلك كي تتمكن من تقوية المؤسستين الأمنية والعسكرية في البلاد.
انتظار الشعب الليبي لأي حل خارجي سيؤدي إلى مزيد من التعقيد والاستقطاب وتدهور الوضع الراهن في البلاد، وبالتالي يجب على الليبيين التمسك بالتوافق الوطني الداخلي ورفض أي تدخلات أجنبية تحاول فرض أجندتها على الشعب الليبي الذي يتحسس كثيرا من التدخل في شئونه الداخلية، وتدعم مصر بشكل كامل التوافق الليبي – الليبي بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي تحاول المقامرة بمصير ليبيا في إطار صراعات إقليمية ودولية تشهدها المنطقة مؤخرا.
أخيرا، نأمل أن ينجح المجلس الرئاسي الليبي في تفعيل مشروع المصالحة الوطنية في البلاد عقب طرحه في المؤتمر الموسع الذي ستحتضنه العاصمة طرابلس اليوم الخميس، وهو المشروع الذي عكف المجلس الرئاسي على وضعه بالتشاور مع كافة الأطراف والمكونات الليبية بلا استثناء للدفع نحو إنجاز المصالحة وجبر الضرر وعودة الوحدة إلى كافة أبناء الشعب الليبي.