التقييم الذي وضعته لجنة اختيار رؤساء الجامعات حول مدى وجود الأستاذ الجامعي المرشح على رأس أعلى منصب أكاديمي، وهو مدى ظهوره بكل عمره العلمي على مؤشر هيرش أو اتش اندكس، يظلم الباحثين في العلوم الاجتماعية الذين ينشرون أبحاثهم وإنتاجهم العلمي باللغة العربية. بالإضافة إلى تأثر مؤشر اتش H-index بالاستشهاد الذاتي وصعوبة مقارنة قيمة المؤشر لعلماء في تخصصات بحثية مختلفة. حيث يتميز الذين ينشرون إنتاجهم العلمي باللغة الإنجليزية، مع غياب مؤشر عربي يتلاءم مع طبيعة النشر باللغة العربية.
تكمن أهمية مؤشر اتش H-index الذي اقترحه عالم الفيزياء الأمريكي جورج هيرش Hirsch عام ٢٠٠٥ م ، في كونه مؤشرا ببليومتريا لقياس الإنتاجية العلمية للباحثين، فهو يرصد التعداد الكّلي للأبحاث والاستشهادات، وممن خلاله نعرف مدى مكانة الباحث عالميا وتأثيره في تخصصه على الباحثين الآخرين. وأكثر الذين برزت إسهاماتهم فيه من تخصصات العلوم الطبيعية مثل الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، كما برزت فيه إسهامات الباحثين أيضا في علوم الكمبيوتر والجيولوجيا والرياضيات. في حين يظلم مؤشر اتش H-index الباحثين في العلوم الاجتماعية مثل الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ والعلوم السياسية والقانونية، الذين ينشرون إنتاجهم العلمي في دوريات محكمة باللغة العربية، على نفقتهم الخاصة وفي إطار روتيني وظيفي بحت، يتعلق بضوابط وقواعد مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه بنشر بحث أو بحثين في دورية علمية محكمة من جهة، أو نشر خمسة بحوث أو أكثر للتقدم إلى لجان الترقية لدرجة أستاذ مساعد أو أستاذ من جهة أخرى. كما أنه لا توجد مؤسسات نشر علمي عربية كبرى تترجم وتنشر الأبحاث العربية وتروجها للعالم بغية الاستفادة منها.
إن النشر العلمي يعد إحدى المعايير المهمة في ترتيب تصنيف الجامعات وترتيبها في التصنيفات العالمية ودليل على مدى جودة التعليم فيها، لذلك تقع المسؤولية على عاتق اتحاد الجامعات العربية والألكسو واللجان الوطنية لليونسكو وغيرها من مؤسسات العمل العلمي العربي المشترك - بضرورة تفعيل معامل التأثير العربي للمجلات والدوريات العلمية وترجمة ونشر البحوث في العلوم الإنسانية والاجتماعية في دوريات عالمية والتوسع في إصدار دوريات علمية عربية ناطقة بلغات أجنبية، والبحث عن بدائل مستمرة ل لحساب إنتاجية وتأثير الباحثين في المجتمع العلمي. فإذا كان هناك مقياس اتش-هيرش فلدينا عشرات العلماء وقامات بحثية عربية مؤثرة في جامعات العالم، الأقدر على وضع مقاييس وقواعد أكثر صرامة وانضباطا.
إن صناعة البحث العلمي لا تقل إن لم تكن أكثر أهمية عن الصناعات الكبرى. أفلا تعقلون؟