لا يمكن بحال من الأحوال حصر النعم الإلهية، فإننا بدون فضل الله وكرمه فى عوز شديد، فالله هو الغنى ونحن الفقراء إليه، لكن عادة لا يكون إدراكنا للنعم "واضح" وقد يختلط علينا الأمر، وننكر ما أغدق علينا من خير.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة النجم "فَبِأَى آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" وقد تكررت هذه الآية فى السورة الواحدة مرات عديدة، وتذهب التفاسير إلى أن الخطاب فيها موجه إلى الجن والإنس، وأنه حديث عن النعم المتعددة التى قد ينكرها الجاهل بها، أو الظان بأنها جاءته عن علم وليس بفضل الله.
والنعم نوعان، الأول خارجى مثل الرزق المعيشى من عمل وسفر وعودة وطعام وشراب وما يتعلق بالعلاقات مثل الزوجة والأبناء والأصحاب، وكل ما يأتينا من خارج ذواتنا، وعادة نظن أن هذا النوع من النعم قد تحصلناه بعملنا وتعبنا وقدرتنا على إدارة الأمور، والنوع الثانى من النعم ينبع من داخلنا وهو متعدد من أول طمأنينة القلب إلى رجاحة العقل، مرورا باللين والرحمة والمحبة للآخرين وبعدنا عن اليأس والحقد، ونحن عادة لا نفهم أن هذه نعم، فلا نعطيها حقها.
عيوننا دائما مسلطة على ما لدى الآخرين، لا نتنبه لما بين أيدينا بالفعل، فهناك فى داخلنا كابوس بأن الآخرين قد تحصلوا على أكثر مما تحصلنا نحن، وأننا مظلومون، وهنا علينا الاعتراف بأن نظرتنا قاصرة وعيوننا لا ترى أبعد من حدود خطوتنا الأولى، وأنا هنا لا أقول بأننا متساوون فى الرزق، لكن أقول بأن لدينا ما نحمد الله عليه، وما يجعلنا لا ننشغل بنعم الآخرين، فالله يعلم ما فى النفوس وما يعانيه الآخرون.