قديما، قالوا من سار بين النَّاس جابرًا للخواطر أدركَه لطف الله فى جوف المخاطر، لذلك فإن مقاصد الشرع السمحة فى كافة الأديان السماوية دائما ما تحث على وجوب التحلِّى بالأخلاق الحسنة والإنسانية الرحيمة والمشاعر الطيبة بين أفراد المجتمعات والأمم، فما أحوجنا ونحن فى زمن سادت فيه الأنانية وطغت الحياة المادية إلى هذه العبادة العظيمة والتحلى بها، خاصة أن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون وقد كثُر الجشع والطمع وطغت المادة على القيم والمثل.
فالوقوف بجانب الآخرين وجبر خواطرهم نعمة عظيمة ومقصد شريف، فقد قال "صلى الله عليه وسلم": "من نفَّس عن مُسلِمٍ كُرْبةً من كُرَبِ الدُّنيا، نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسِرٍ، يسَّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن سَتَرَ على مُسلِمٍ، سَتَرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيهِ".
وجمال ما فى عبادة جبر الخواطر، أن كثيرا منها لا يحتاج الإنسان للتحلى بها إلى جهد ولا إلى مال، فربما ابتسامة أو كلمة طيبة أو دعاء بالخير أو ذكر بالصلاح، يكون جبرا لخواطر أناس كثير، ويكون سببا فى تأليف القلوب وزيادة التراحم، وإدخال السرور والسعادة إلى قلوب متألمة، وقد قال نبينا المصطفى : "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَام".
وختاما، علينا لا ننسى أن جبر الخاطر فى هذه الأيام أعظم أجرًا خاصة أننا مقبلين على أشهر زو الحجة..