هل يصعب علينا أن نفرح؟ فنذهب بكامل إرادتنا نبحث ونفتش عما ينغص علينا هذه الفرحة، وعما يقلل من بهجتنا، فنأتى به نتحدث عنه ونعلى من شأنه وقدره، ونسمح له بأن يسرق منا لحظات لا تحدث كثيرا.
أمس فازت البطلة المصرية بسنت حميدة بذهبية مائة متر عدو فى بطولة البحر المتوسط المقامة فى وهران بالجزائر، فوز "بسنت" أبهجنا وجعل الدموع تتجمع فى العيون فرحة، وجعلت الناس يهللون ويفرحون، وفى المقابل راح البعض يهاجمون بسنت حميدة ويتنمرون عليها.
أنا هنا لا أريد الحديث عن هذه الآراء الفاسدة، بصورة أو بأخرى، لكن أريد أن أسأل لما شغلونا بآرائهم؟ ولماذا اهتممنا بهم، ولماذا لم نواصل فرحتنا، متجاهلين كل ما ينغصها علينا؟.
أكثر الذى أخشاه أن يصبح استحضار الكلام السلبى والمتطرف جزءاً من تفكيرنا نحن، بمعنى أننا من ينبش عن هؤلاء ويخرجهم إلى النور، تخيلوا يا سادة لو أن أصحاب هذه الآراء السلبية المقيتة كتبوها، فلم نعلق نحن عليها، ولم يهتم الإعلام بها، ما الذى سيحدث، ستصبح مجرد تعبيرات عابرة فى فضاء إلكترونى عابر.
لكن نحن من نرتكب الخطأ، كأن البرنامج لا يكتمل إلا لو ذكرنا هذه الآراء، وكأن فرحتنا لن تكتمل إلا لو ذكرنا هؤلاء وهاجمناهم ودخلنا معهم فى سجال.
أبداً أيها الناس صدقونى، تجاهلوهم، دعوهم لا يشعرون بأنهم أفسدوا اليوم، لا تنتبهوا لكلامهم، لا تبحثوا عنهم ولا تفتشوا فى صفحاتهم، لا تعلقوا على بوستاتهم، دعوا كلماتهم مبتورة لا تكتمل، واعلموا أن الذين يتحدثون عن أخلاق الآخرين وملابسهم وتدينهم، معظمهم يرتكبون كوارث تتعلق بالأخلاق وتتعلق بالدين، فلا تسمحوا لهم أن يسلبوكم فرحتكم وانسوهم.