معركة الوعي التي تخوضها الدولة المصرية، يبدو أنها وصلت لأعماق الصعيد والدلتا في القرى والنجوع، وبات الوعي حاضرا في كل شيء، وهناك اتساق كامل وواضح بين توجه الدولة واهتمامات المواطنين.
ما أقوله لك هنا، ليس دربا من الخيال، ولكنها وقائع ملموسة على أرض الواقع، فعلى بعد 500 كيلو متر من القاهرة جنوبا في أعماق الصعيد بسوهاج، وتحديدًا بقرية "شطورة"، كان ملف الوعي حاضرًا، من خلال مبادرة أطلقها أهالي القرية بتخفيض تكاليف الزواج، وهو ما يتسق مع المنطق والعقل، والظروف العامة التي يعيشها الجميع، بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية، لا سيما مع ظهور وباء كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية التي يدفع فاتورتها العالم كله.
وفي مشاهد متحضرة، تنم على الوعي والشعور بالمسئولية، اجتمع أهالي القرية قاطبة لوضع شروط عامة للزواج خلال الفترة المقبلة، أبرزها "الغاء النيش وسيشن التصوير، وتقليص عدد الأجهزة الكهربائية عدا الضرورية، ووضع مبالغ معينة لشراء الشبكة، واقتصار احتفال الخطوبة وعقد القران على أهالي العروسين"، تلك الشروط العامة التي باركها أهالي القرية.
وفي مشهد متحضر وراقي، ينم على أن لقب "قرية العلم والعلماء" الذي حازت عليه هذه القرية لم يأتي من فراغ، فقد ظهرت "المرأة الشطورية"، وهي تشارك في المبادرة، وتدلي باقتراحاتها، وترسم خارطة المستقبل.
لم يكن غريبًا أن تبدأ معارك الوعي في الصعيد، من قرية "شطورة"، التي أنجبت ما يربو على 500 أستاذ جامعي، وعلماء وأطباء وصيادلية ومهندسين وصحفيين ومدرسين، وعظماء في العديد من القطاعات.
هذه المبادرة، تستحق الإشادة والدعم، ومساندة القائمين عليها، حيث تساهم في ادخال الفرح والسرور للقلوب، ورسم البسمة على والوجوه، لا سيما البسطاء من المواطنين.