كنت محظوظا مرتين في مقابلة الفنان عبد المنعم مدبولي الذي يحل اليوم ذكرى رحيله 9 يوليوعام 2006 ، المرة الأولى كانت أثناء بروفات وعرض آخر مسرحياته "وسط البلد" للمخرج ناصر عبد المنعم، فقد طلبت منه إجراء حوارصحفى لجريدة صوت الأمة التي أعمل بها آنذاك، فوافق على شرط هو حضوري للمسرح قبل بداية العرض المسرحي بثلاث ساعات وألا تزيد مدة إجراء الحوار عن ساعة.
استجبت بكل أريحية لطلبات الأستاذ عبد المنعم مدبولي صاحب أهم مدرسة كوميدية في المسرح المصري وهي مدرسة "المدبوليزم"، وذهبت له في الموعد المحدد في غرفته بمسرح السلام بشارع قصر العيني وسألته عن البدايات والمسرح والفرق والنجوم، وتطرقت في الحوار للكثير من القصص والحكايات، ولكنني هناك سأتوقف عن إجابة لسؤال تقليدي أسأله لكل نجوم المسرح وهو : ما هي طقوسك قبل الدخول إلى خشبة المسرح؟
إجابته كانت كوميدية كمسرحياته : لازم أتناول قبل أي عرض مسرحي " فرخة مشوية " ، فضحكت بشكل متواصل .
فقال لي: لماذا تضحك ؟
فقلت له : من المفاجأة لأنه عادة تكون إجابات الفنانين براجع الدور أو لا أتحدث مع أحد استعدادا للشخصية أو البعض يقرأ قرآن وهكذا تكون الإجابات المعتادة .
فقال لي : الفنان على المسرح يبذل مجهودا كبيرا ولابد أن يكون لديه طاقة ولكن بدون خمول وأفضل الوجبات هي الوجبات المشوية، وأنا عاشق للفراخ المشوية وبالمناسبة بأكل الفرخة على مرتين : نصفها قبل بداية العرض والنصف الثاني في الاستراحة .
هذه القصة لا أنساها مطلقا واتذكرها ضاحكا في كل ذكرى لرحيله أو ميلاده أو حتى عندما اشاهد فيلما أو مسرحية أو مسلسلا من أعماله .
المرة الثانية التي كنت محظوظا أيضا بمقابلته ولكن كممثل ، كانت في مركز الابداع عندما شاهد هذا الفنان الكبير مسرحية كنت مشاركا في بطولتها وهي مسرحية " هبوط اضراري " إخراج خالد جلال، والمسرحية كانت ضمن عروض الدفعة الأولى للمركز، وشارك فيها زملائي في الدفعة الأولي وهم الفنانون : نضال الشافعي ومحمد شاهين وإيمان السيد وياسر الطوبجي وإيمان غنيم وأحمد السلكاوي وايمان لطفي ونهي لطفي وسهام عبدالسلام وحمدي الرملي وأشرف حصافي ونسيم النجار وأسماء يحيي ومحمد السعداوي وساره القاسم ونيرة عارف وسلوى عزب ورانيا البدوي.
رحم الله الفنان عبد المنعم مدبولي فهو حقا من أعظم ممثلي الكوميديا في تاريخ المسرح المصري وخرج من مدرسته الكثير من نجوم المسرح، بداية من فؤاد المهندس الذي أخرج له الكثير من المسرحيات مرورا بعادل إمام وسعيد صالح وكل أجيال الكوميديا في المسرح المصري، وهو فنان له أسلوبه الخاص في طرح الإفيه وطريقته تأثر بها الكثير من الكوميديانات في المسرح والسينما، وما زالت حتى وقتنا هذا ينهل منها كل الأجيال التي تفكر في تقديم كوميديا راقية .