صراع أزلي بين ثقافة الجيل القديم وطموح الشباب، فدائما ما يرى الجيل القديم أن الاختيار النمطى المعتاد القريب آمن، فى حين يرى الشباب أن المغامرة أمر لا بد منه بحثا عن التطور الذى يتواكب مع المستقبل الأفضل الذى لكى تحقق فيه شيئا يجب أن تجرى على مضمار العالم الذى يحيط بك، الأمر ليس بعيدا عن ما شهدته الساحة الرياضية على صعيد اختيارات الاتحاد المصرى لكرة القدم للأجهزة الفنية للمنتخبات.
اتحاد الكرة الذى مثلما يضم عددا من الأعضاء أصحاب الفكر القديم يحوى بين أسماء أعضائه اثنين سأعتبرهما شبابا بمقارنة تفكيرهم بتفكير غيرهم من الأعضاء، شباب يحلم بمستقبل أفضل ومكانة تستحقها مصر ومنتخباتها بين منتخبات أفريقيا بل وبين منتخبات العالم أيضا، ظهر الصدام بين الجيلين في اختيار الكابتن إيهاب جلال لإدارة الدفة الفنية للمنتخب القومى، فالجيل القديم النمطى يرى أن المدرب الوطنى أفضل للمنتخب حتى وإن كان لم يحصل على بطولة تذكر، كان رأى الشباب أننا لا بد أن نخاطب المستقبل بما يفهمه ويقدره وأننا لا بد أن نصحو من سباتنا ونرى التجارب الناجحة كالتجربة الألمانية التى تعاملت مع الرياضة كمشروع قومى فكانت النتيجة منتخبات قوية على جميع الأصعدة السنية.
حازم إمام ومحمد بركات أثبتا أن المحاولة حتى وإن كان الهدف صعبا لا بد أنها ستأتى بنتيجة، كانت الأصوات المحبطة تقول: "من من المدربين العالميين سيقبل بتدريب المنتخب.. بل ومن من هؤلاء أيضا سيقبل بتدريب المنتخب الأولمبى"، إلا أن محاولات الثنائى بعد إعفاء الكابتن إيهاب جلال من مهمة تدريب المنتخب كانت لها نتائج مبهرة.
في اجتماع اتحاد الكرة الذى تمت فيه مناقشة ترشيحات المدير الفني لمنتخب مصر اعترض الثنائى حازم وبركات على اختيار مدير فنى محلى، وفضلا أن يكون الاختيار نابع من هدف سامى يتمثل في مشروع مستقبلى يليق باسم مصر وإنجازاتها وكونها تستحق الكثير في هذا الصدد، خاصة وأنهما من الجيل الذى سجل أسماء لاعبيه بحروف من نور ببطولات ومواجهات لن ينساها تاريخ كرة القدم وكان هدفهما اختيار مدير فنى أجنبى لديه الخبرة التي تقود مصر لمنصات التتويج مرة أخرى بعد غياب دام سنوات عجاف منذ حقبة الكابتن حسن شحاتة، إلا أن الجيل القديم النمطى اقترع ولجأ لحق أراد منه فرض كلمته فتم التصويت وفرضوا رأيهم.
حازم إمام بعد الإخفاق الذى لاقته تجربة المدرب المحلى سعى في الأرض يبحث عن اسم يليق بمنتخب مصر أو حتى قد يكون معه المستقبل أفضل بعقلية شباب يبحث عن مؤشرات ويحللها ليستشرف القادم استقر به المطاف مع مدرب حقق بطولات ونتائج ويلعب بطريقة قد تساهم في تطوير طريقة اللعب المصرية ولا نظل منتخب "باصى لصلاح" فنجح في الاتفاق مع البرتغالى روي فيتوريا الذى يعد صاحب مسيرة تدريبية حافلة مع بنفيكا أحد أكبر أندية البرتغال وحقق معه 6 ألقاب هى الدوري البرتغالي مرتين، والسوبر البرتغالي مرتين، بالإضافة إلى كأس البرتغال وكأس الرابطة، وحصل على لقب أفضل مدرب في الدوري البرتغالي موسمي 2015/2016 و2016/2017، وبعدها انتقل لإدارة النصر السعودى في 2019 بعد أسبوع من نهاية ارتباطه ببنفيكا، ونجح فيتوريا في الفوز مع النصر بلقب الدوري السعودي للمحترفين وحقق معه كأس السوبر، وقاده لنصف نهائي دوري أبطال آسيا في عام 2020.
على جانب آخر، عكف محمد بركات على ملف لا يقل أهمية عن ملف المنتخب الأول ألا وهو ملف المنتخب الأولمبى فى ظل وجود أصوات تنادى أيضا بمدرب محلى، فبدأت نتائج مجهوده المشكور تظهر من خلال تقارير إعلامية عالمية على رأسها تقارير صحفية فرنسية، كشفت الفرنسى باتريس بوميل سيكون المدرب المستقبلى لمنتخب مصر الأولمبى تحت 23 عامًا.
باتريس بوميل مدرب ساحل العاج السابق، الذى كثف محمد بركات المفاوضات معه ورغم إصراره على الاستمرار فى قيادة المنتخبات الكبيرة بعد أن قاد منتخب كوت ديفوار وحقق معه نتائج جيدة، أصبح فى طريقه إلى مصر لتدريب منتخب مصر الأولمبى، وخلال 48 ساعة سيكون قد وقع عقده رسميًا، لتسير منظومة تطوير طريقة اللعب المصرية في المنتخب الأولمبى والمنتخب الأول بالتوازى علنا نعود إلى ماضى الأمجاد بإنجازات مستقبلية نتاج عقول الشباب.
هذه اختيارات الشباب الذى أثبت أنه واسع الأفق لا يحتاج فقط إلا أن يحصل على فرصة إدارة المنظومة الرياضية في مصر التي لا زالت تدار بأفكار قديمة لم يفكر أحد في نفض التراب عنها لتحصل مصر على ما تستحقه في هذا المجال.