مع كل ارتفاع جديد فى أسعار المحروقات والمواد البترولية، يطل علينا بعض الجشعين من التجار وسائقى مركبات الأجرة، لاسيما بين "أصحاب الميكروباصات ومن يعمل عليها"، بألاعيبهم الدنيئة، لفرض رسوم زيادة قد تكون مضاعفة على الركاب أو الزبائن، على الرغم من وضع كل محافظة تعريفة الركوب الرسمية فى أعقاب القرارات الجديدة لزيادة البنزين والسولار.
إن تنمية الوعى لدى الركاب وكل من يستقل سيارات أجرة فى أى مكان بالجمهورية من الضروريات؛ لمواجهة جشع البعض الذى يظن أنه القادر على استغلال أى موقف لزيادة غلته من الأموال من خلال الضغط على الشعب من دون حسيب ولا رقيب، على الرغم من أن هذا الشخص قد يكون "أجبن خلق الله" فى أول مواجهة مع من يستطيع أن يردعه ويردع قراراته البلهاء.
عندما يكون الإنسان إيجابيا، خصوصا إذا تعلق الأمر بمصلحته الشخصية أو مصلحة أسرته، يستطيع أن يقف وقفة جريئة وشديدة ويضرب الجشع فى مقتل، وينجح فى مقاومة كل من تسول له نفسه لَىّ ذراع الشعب، فلا بد لكل إنسان -لا أحد غيره- يعلم أن بيده مفاتيح تكبيد كل مستغل خسائر فادحة، فمثلا إذا فرض سائق زيادة فى تعريفة الأجرة غير الرسمية والمقررة بعد الزيادات الجديدة، وتعاون جميع الركاب ضد هذا المستغل لأسقطوه أرضا وجعلوه ينحنى لإرادتهم، وهنا تكون نشوة الانتصار هى أروع شعور وأعظم سلوك يسير على نهجه كل أقرانه.
ولعل التفوه بكلمات قد يراها البعض بسيطة، إلا أنها عندما تتراكم يوما بعد يوم، تصبح ثقافة موروثة تُدمر وتأكل كل ما هو مفيد بالمجتمع، أبرزها ما نسمعه من البعض فى وسائل المواصلات، عندما يفرض السائق رسوما بدون وجه حق على الركاب، يخرج من بينهم شخص ليقول: "يا عم ده حاجة بسيطة مافرقتش!"، أو قد يخرج آخر متفوها: "يا عم يالا خلينا نمشي"، أو أخير يردد "مش مشكلة هدفع أنا الفرق"، جميع تلك الجمل الجاهلة تمكن المستغل من تنفيذ مخططاته الضعيفة، فلا يجب تقوية شوكة الأعداء فى مواجهة الحق وأصحابه.
لا بد للجميع أن يعلم أن فى الاتحاد قوة وفى التفرقة ضعف، فالاتحاد يهزم الضعف وكل أشكاله، فلا ينجح تاجر بدون مستهلك، ولعل فى رواية ذُكر أن الناس فى زمن الفاروق عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- جاءوا إليه ليشتكوا غلاء اللحم وطلبوا منه تسعيره، فما كان رده إلا "أرخصوه أنتم"، فتعجبوا وقالوا "وكيف نرخصه وهو ليس فى أيدينا؟" فقال بحكمة بارعة: "اتركوه لهم" أى لا تشتروه، فبالتالى سيلجأ التجار إلى خفض سعره كى لا يتلف وتضيع أموالهم هباءً، وهذا بالطبع يؤكد أن العمل المشترك أولى خطوات النجاح، وأن الإرادة تصنع المستحيل، فما بالك إذا كانت الإرادة جماعية؟