مصر هي التي علمت الدنيا الزراعة، والقراءة والكتابة، حقيقة كتبها التاريخ من حروف من ذهب، لا أحد يستطيع أن ينكرها، لذلك فإن دورها دائما مشهودا ومقدرا ويتجلى في أوقات الأزمات والتحديات، فها هي مصر من خلال كلمة الرئيس السيسى بقمة جدة السعودية وفى حضور جو بايدن رئيس الولايات المتحدة تؤكد من جديد القيادة والريادة ليتخطى دورها الإقليمى إلى دور عالمى مؤثر.
وعظمة الكلمة أنها كانت قوية ومعبرة وشفافة فى ظل تعرض العالم لكثير من التحديات والمخاطر والتهديدات، خاصة فيما يخص أزمات الإرهاب وصراع الميلشيات المسلحة وليس ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا ببعيد، وكذلك تحدى الأمن الغذائي جراء تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية وإنتاج موجات من التضخم وحالة عدم اليقين التي تسيطر على مستقبل الاقتصاد العالمى، وتهديد سلاسل الإمداد العالمية ليصبح ملايين من البشر أمام خطر الجوع، إضافة إلى إطالة أمد الصراع والنزاع في كثير من المناطق بالشرق الأوسط، وصراع القوى العظمى من أجل النفوذ حتى ولو كان هذا على حساب الشعوب واستقرارها، فمن يُنكر سياسة هذه القوى في إذكاء وإحياء الصراع والنزاع والفرقة والاختلاف في كثير من المناطق لضمان إطالة أمد الصراع!!.. ومن يُنكر قدرة هذه القوى على نقل الصراع من المستوى المحلى إلى مستوى إقليمى ودولى لضمان تنفيذ أجندتها الخاصة وتحقيق مصالحها!!.. ليحل الخراب والدمار وينزح الملايين من أوطانهم..
والمقدر أيضا، أن كلمة الرئيس كانت بمثابة خارطة طريق مستقبلية لحل قضايا المنطقة، وذلك من خلال رؤية ثاقبة وفهم حقيقى لكافة التهديدات والتحديات لتضع العالم من جديد أمام مسئولياته، والأهم أنها أثبتت بالدليل القاطع أنه ما زالت القضية الفلسطينية في قلب وعقل الدولة المصرية والقيادة، وأن مصر لن تنسى أو تتهاون فى الدفاع عن حق الشعب الفلسطينى فى الحياة.
وأعتقد، أن من أهم المحاور الذى وضعتها رؤية الدولة المصرية أمام العالم خلال قمة جدة، أنه لا مكان للميليشيات ولا لداعميها الذين يوفرون لها المال والسلاح، لأن المتتبع لما يحدث في دول النزاع والصراع يجد أن سبب التخريب والتدمير هو ارتكاز الأطراف الداخلية على سلاح المليشيات، فأصبحت لكل قوى ميليشا الخاصة بها، بل أن القوى الفاعلة أصبحت هي أيضا تستعين وتصنع وتجلب ميلشيات خاصة بها لتحقيق أهدافها وأجندتها في هذه المناطق.
ناهيك، أن حديث مصر وضع العالم أمام مسئولياته خاصة تجاه قضايا الأمن الغذائى الغذاء والطاقة الراهنتين، مع التأكيد على أن التعامل مع أزمة الغذاء يتطلب مراعاة أبعادها المتعددة على المديين القصير والبعيد لوضع آليات فعالة للاستجابة السريعة لاحتياجات الدول المتضررة من خلال حزم عاجلة للدعم، وكذلك مواجهة ظاهرة التغير المناخى، تلك الظاهرة التي تهدد البشرية جميعا.
وختاما، أستطيع القول، إن رؤية مصر وحديثها أمام قمة جدة، أكد أن علاقات مصر مع دول الخليج خاصة وقوية وثابتة، وأن علاقاتها مع الولايات المتحدة استراتيجية تقوم على ثوابت يحرص الطرفان عليه، وتأكد للجميع أن مصر تلعب دورا فاعلا في المساهمة في إنهاء الأزمات في المنطقة العربية واعادة الاستقرار بما لها من قوة ومكانة وما يضيفه لها موقعها الجغرافي ودورها التاريخي..