مؤكد أن حوار بطرسبرج للمناخ محطة مهمة لمواجهة التغيرات المناخية فى ظل كلمة الرئيس السيسى، التى كانت بمثابة بادرة أمل للإنسانية كلها، لمواجهة التحدى الأكبر للعالم، والتهديد الأخطر للبشرية حال عدم القيام باتخاذ الآليات والتعهدات الدولية، حيث جاءت كلمة الرئيس قوية وواضحة على كافة الأصعدة، وأهمها الدعوة بضرورة قيام العالم والمجتمع الدولى بمسؤولياته على أرض الواقع، وكذلك ريادة مصر فى دفاعها على القارة الأفريقية بشأن تضررها من أزمة المناخ.
والمقدر، أن مشاركة الدولة المصرية لم تقف عند الطلب أو الدعوة، إنما تخطت ذلك بعرض جهودها التنموية نحو الاتجاه للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، وذلك من خلال استراتيجية الدولة لمواجهة تغيرات المناخ 2050، متخذة من هذه الجهود والأفعال دليل على صدق الإرادة وجدية القرار واعطاء النموذج للعالم كله، خاصة أن مصر لست من الدول المتسببة فى هذه الظاهرة، إلا أن لديها موقف أخلاقى وريادى تجاه قارتها والعالم كله.
وفى اعتقادى، أن أهم ما وضعته الدولة المصرية خلال حوار بطرسبرج للمناخ، أنها طالبت بضرورة تحقيق العدالة المناخية، لأنه ليس من المعقول أن تتسبب دول العالم الصناعية فى هذه الظاهرة، وفى نفس الوقت تتنصل من مسؤولياتها، خاصة فى عدم الالتزام بالتعهدات وتوصيات قمة باريس للتغيرات المناخية والتى أوجبت دفع العالم الغنى 100 مليار دولار للعالم الهامة للحد من تأثيرات الظاهرة السلبية، وتمكينه من مواجهة التداعيات.
لذلك، فإن هذا النجاح المقدر للدولة المصرية يعطى بارقة تفاؤل طيبة نحو قدرة مصر فى تقديم أمل للبشرية خلال قمة المناخ بشرم الشيخ المقرر انعقادها فى نوفمبر 2022، فى ظل أزمات حادة يمر بها العالم الآن، بداية من جائحة كورونا، وارتفاع وموجات التضخم، ومشكلات الأمن الغذائي، وصولا للتعقيدات والتوترات السياسية بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا.
لذا،، يجب العلم، أنه مهما كانت التحديات التى تواجه العالم الآن تبقى ظاهرة المناخ هى الأخطر، لأنه أن لم يتم تدارك الأزمة فإنه سيعانى مستقبلا ما يقرب من 325 مليون شخص من الفقر المدقع، كما سيضطر ما يقرب من 216 مليون شخص للهجرة الداخلية نتيجة للتغيرات المناخية، خلاف أن إلى أن معدل الكوارث البيئية والمناخية سيبدأ فى التضاعف بنحو 3 أضعاف خلال المرحلة القادمة، وسيتمثل ذلك فى العديد من الظواهر مثل الموجات الحارة، والجفاف، وتلف المحاصيل الزراعية، والفيضانات، وحرائق الغابات، وكلها ظواهر شهدها العالم كله خلال العامين الماضيين، ما يعنى أن أطفال اليوم سيواجهون كوارث مناخية بنحو 3 أضعاف ما واجهها أجدادهم، إضافة إلى انتشار الأمراض التنفسية والقلب بشكل مرعب.
وختاما، نستطيع القول، إنه لا ملجأ أمام العالم، إلا السعى بجدية إلى تحقيق العدالة المناخية، وذلك من خلال تحقيق الوعود على الأرض، والتزام الدول الكبرى والمجتمع الدولى بالتعهدات المالية والاقتصادية، لأنه المتسبب فى الظاهرة من جهة، ومن جهة أخرى مساعدة الاقتصاديات الناشئة والدول النامية فى تعزيز قدرات المواجهة، وإلا سيدفع الجميع الثمن..