هل أصبحت السوشيال ميديا منبراً لعرض المشكلات الشخصية؟ المشاهدات الأخير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الكثيرين يلجأون إلى عرض مشكلاتهم الشخصية أو الاجتماعية عبر منصات مواقع التواصل، الأمر الذي لم نجد له تفسيراً حتى الآن فهل هو تشويه لصورة طرف آخر، أو أنه محاولة للاستعانة بالفولورز والمعجبين والمتابعين لجمع أكبر عدد من المتضامنين دون معرفة تفاصيل المشكلة، فالأزمة لأي شخصية عامة في محاولة حجب حياته الشخصية بشكل كاف لكي ينعم بحياة طبيعية على المستوى المجتمعي.
فالاقتصار عن الابتعاد عن الأماكن الحيوية من أجل صنع بيئة جيدة لحياة هادئة وتكوين أسرة سوية أصبح عبء في بعض الاحيان على أصحاب الشهرة، خاصة مع الوقوع في أزمات يحاولون اخفاءها حتى تأتي قوة السوشيال في جذبهم لتصفية الحسابات وجعل صفحاتها حلبة مصارعة بين القيل والقال.
لم يقتصر الأمر فقط على فنانين أو لاعبي الكرة أو حتى العلماء، بل زاد الأمر ليزداد أصحاب الشهرة كـ البلوجرز والأنفلوانسرز وغيرهم من رواد تطبيقات التواصل الاجتماعي، حتى غدت الفئات المشهورة في مصر عديدة، فكيف يمكن لهؤلاء الابتعاد بشكل ملائم لوظائفهم التي تتطلب منهم الظهور على الفضاء الالكتروني وعرض ما لا يهم متبعيهم لأهداف غير معلومة.
الوضع انقسم لقسمين، أولهما من يستخدم تلك الشهرة في صناعة فن يصل لكل أو لفئة معينة من الجمهور، دون التطرق للحياة الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي أو التلفاز أو الصحافة وغيرها، ويقتصر دورهم في تقديم أعمالهم بشكل يتناسب مع المكانة المعينة التي يصنعونها لأنفسهم، وذلك في سبيل الحصول على الخصوصية الملائمة لحياة هادئة بعيداً عن الصراعات.
ولكن القسم الآخر حاول استخدام تلك الشهرة في تعزيز وجوده وانتشاره بشكل أكبر عن طريق اعتبار حياته الخاصة جزءا من حياة وضريبة للشهرة، وهذا ما يلجأ له أغلب رواد السوشيال حالياً، لتحقيق انتشار سريع وشهرة فائقة، فما بالك بمبدعين قد يقعون في مستنقع السوشيال ميديا دون علم أو بشكل عفوي أثناء عرض مشكلاتهم ولا يعلمون أن حل مشكلاتهم في الصمت لأنه أبلغ من الكلام.
والحقيقة أن تفشي السوشيال ميديا وجعلها الملاذ الآمن لعرض الحياة الشخصية، جعلت البعض يعملون على صنع الأزمات، ويتسبب في زيادة مشكلاته الحياتية التي يعيشها عن طريق قدرته على حشد أكبر عدد من جمهوره، لمناصرة قضية خاصة به، ما تلبث أن تتحول للعنة تطارده، وتتسبب في خسارته لفئة كبيرة منه بالحديث عنه بعيداً عن المحتوى الذي يقدمه والتحدث فقط عن مشاكله التي تقل من قيمته، خاصة وإن كان لا يحسن الحديث بالشكل الملائم أو عفوي زيادة على اللزوم، وإن أكسبته المزيد من الشهرة فإنها في نفس الوقت تؤثر على أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه كنتيجة، لأن حياته أصبحت على المشاع، وهو ما قد يسبب على الأغلب مشاكل كبيرة ودائمة في تكوين نشأة الأطفال، حتى وإن كانوا كبارا ومدركين للأوضاع الحادثة.
في الحقيقة أن تلك الشهرة بمثابة خط احمر، ينبغي التعامل معه بحرفية متناهية، لعدم تخطيه بقدر الاستطاعة، لنجاح أي علاقة قائمة أو في مراحلها الأولى، حتى وإن حدثت خلافات بعد أو أثناء الارتباط، فلا ينبغي كشف ستار العلاقة بأي شكل كان، لما ستبديه من أذى ولو بشكل مباشر على أحد الطرفين أو غيرهما.
عاصرنا العديد من العلاقات العاطفية والتي انتهت بالارتباط في الوسط الفني، والرياضي، وغيرهم، منهم من انفصل ومنهم من استمر واستطاع تجاوز الازمات، على سبيل المثال الفنانة الراحلة فاتن حمامة والتي لآخر لحظة في عمرها لم تتفوه بشيء يسيء لعمر الشريف، حيث كانا متزوجين لفترة من الوقت، وانفصلا بشكل هادئ دون الخوض في تفاصيل الحياة الشخصية، وأيضاً الفنان أنور وجدي وليلى مراد.
وإذا كانت الحجة المكررة بأن هؤلاء لم يكونوا في عصر السوشيال ميديا والانتشار الواسع لتطبيقات الأخبار والفيديوهات الحالية، حتى في حالة الفنان أحمد زكي عن طرح سؤال شخصي عليه في أحد اللقاءات امتنع عن الرد، بل وايضاً جاوب المذيع بأن ذلك اقتحام لحياته الشخصية غير مبرر ولا علاقة له بأعماله الفنية.
الحقيقة أن هذه الصرعات ليس مكانها الإعلام أو الصحافة بأشكالها، وتسليط الضوء عليها بمثل هذا الشكل الغريب هو أشبه بمحاولة تغييب واضحة المعالم عن التحديات الحالية بدلاً من مناقشتها وتسليط الضوء على الإنجازات الحقيقية والعملية التي تحدث على أرض الواقع؛ والتي ينبغي العمل على تطويرها للوصول للمستقبل المنشود.