انتهى ماراثون امتحانات الثانوية العامة، وينتظر الجميع بفارغ الصبر النتيجة بعد عناء عام كامل، وانطلاقا من تعزيز الوعى، نسلط الضوء ونقدم عدة نصائح أعتقد أنها فى غاية الأهمية فى ظل تفاقم ظاهرة للأسف أصبحت تتكرر كل عام، لكن نتمنى أن لا نراها هذا العام، ألا وهى البحث عن ما تسمى كليات القمة، لأنه من المؤسف أن هناك ثقافة سائدة فى حصر كليات القمة فى مجموعة معينة من الكليات دون النظر إلى متطلبات سوق العمل فى المستقبل ولا مراعاة المهارات والقدرات الخاصة فى الاختيار، ولا وضع مقتضيات الحداثة فى الحسبان.
لذلك، نقول لكل طالب ثانوى، يجب أن يكون شعارك "أنا من أصنع قمتى بنفسى".. نعم اصنع قمتك بنفسك حتى ولو كان والديك يريدان لك كلية معينة، فهم فقط يريدون لك الأفضل وفقا لما هو سائد من وجهة نظرهم، لكن تيقن تماما إن إرادة الله دائما تختار لك الأفضل، فامض فى طريقك مجتهدا حتى لو كنت خسرت شيئا، وتأكد أنك ستكسب أشياء أخرى فى المستقبل.
واعلم عزيزى الطالب، أن النجاح هو القاسم المشترك بين طلاب العلم فى شتى المجالات، وأن الثبات على تحقيق الهدف هو الأهم حتى ولو اختلفت الطرق وتعددت الوسائل.
وتأكد عزيزى الطالب، إن لم يكن لديك إصرار على تحقيق هدفك فمن أين يأتيك النجاح؟، فلا تكن من الذين لم يحالفهم الحظ فيستكينوا ويصيبهم اليأس، خاصة أن النتيجة ليست هى نهاية المطاف، فالنجاح فى المستقبل ليس له علاقة بالمجموع وحده.
وكما توجهنا إلى الطالب، نقول لأولياء الأمور، يجب الكف عن عقد مقارنات بين نتيجة أبنائكم، لأن هذا ينشر البغض والكراهية بين الأهل والأبناء، ولا تنسوا أن هناك نماذجا مشرفة كثيرة لم يحالفها الحظ فى الالتحاق بكليات القمة لكنهم بالاجتهاد والتفكير السليم أصبحوا رموزا وصاحبهم التميز والإبداع.
واعلم عزيزي ولى الأمر، ان المجتمع يحتاج لجميع التخصصات، وليس للأطباء والمهندسين فقط، خاصة أن معطيات سوق العمل اليوم تغيرت وفقا للمنظومة الجديدة القائمة على التعلم لا الشهادات، الأمر الذى يخلق ويوفر كثيرا من المهن وفرص العمل التى لا تحتاج إلى دراسة أكاديمية أو دراسات تقليدية، ونموذجا على ذلك الطفرة الحادثة الآن فى الجامعات التكنولوجية، التى تعول عليها الدولة فى قيادة حركة التطور فى المرحلة المقبلة، للوصول إلى خريج مؤهل لسوق العمل.
وأخيرا.. نقول، إن الأمر لم يتوقف عند المجموع والالتحاق بكلية أو أخرى، بل لابد من اكتساب مهارات سوق العمل الجديدة والتسلح بوسائل الحداثة، وأن ننزع من ثقافتنا وعقولنا مصطلحات ما تسمى بكليات القمة والقاع، ووضع الأهداف فى نصابها الصحيح، والبحث فى القدرات لتوظيفها فى مكانها السليم، فالنجاح ليس حكرًا على أحد، إلا أن ثمن بلوغه غالٍ..