في ظل سيطرة مواقع التواصل الاجتماعى على حياتنا، وانتشار ثقافات مستوردة لتحل محل عاداتنا وقيمنا في تربية الأبناء، أعتقد أن هناك اتفاقا محل إجماع من الجميع، مفاده أن الأسرة أصبحت تعانى من حالة من التفكك، والأخطر أن التفكك في تزايد لعدم المواجهة الحاسمة.
واعتقادى، أن هذا التفكك الأسرى من أخطر التحديات بل التهديدات التي يعيشها المجتمع الآن، فلك أن تتخيل حجم المأساة الحادثة الآن من الخلافات الأسرية بين الأبناء والحوادث الأسرية بين أفرادها، فهل ينكر أحد أننا أصبحنا نرى جرائم قتل وعنف، وفوضى أسرية، لم تتصور عقولنا يوما أننا نسمع عنها في مجتمعنا الداعم دائما للترابط والمودة والمحبة والمحافظ على هذا الكيان، لأن ببساطة الأسرة هي درع المواجهة الأول لأى أخطار تواجه المجتمع.
فأين المودة والمحبة والترابط والتضحية، مما يحدث الآن في ظل عصر الحداثة، الذى انشغل الأب والأم بالجلوس على منصات التواصل الاجتماعى على حساب تربية الأبناء، وانشغلا أيضا بتوافه الأمور وتسطيح الأشياء عن منح وإعطاء القدوة والأسوة الحسنة في التصرفات الحياتية وسلوكيات المعيشة المحترمة للأبناء، فقولا واحدا هناك تشوهات كبيرة أصابت هذا الكيان.
ومؤكد أن هناك عوامل كثيرة تقف أمام هذا الانحدار والضياع، لذلك أرى، أن أهم هذه الأسباب أو العوامل، غياب سطوة الوالدين "الأب والأم" بالقيام بدورهما في حماية الأبناء، فكيف سيمارس الأب – مثلا - سطوته وهو يمارس تفاهات أنتجتها وسائل الحداثة أمام أبنائه؟.. وكيف يمارس سطوته وهو يتلفظ بألفاظ نائية وخادشة للحياء أمام أبنائه وكذلك الأم؟.. وكيف يقوم الأب بدوره وهو يتصرف تصرف الصغار في منزله؟.. وكيف يحقق الأب سطوته وهو في خلاف دائم مع الأم؟.. وكيف يحافظ الأب على هيبته وابناؤه يرونه يشاهد مناظر ومواد عير لائقة على هاتفه؟.. وكيف يصدر الوالدين الأسوة الحسنة وهما بعيدان كل البعد عن العبادات الربانية وأولها الصلاة؟.. وكيف يعزز الأب الانتماء والولاء عند أبنائه وهو أول ضحايا الشائعات بترديدها وتصديقها؟.. وكيف يسمع الأبناء لنصيحة الأب والأم والحوار قد غاب عنهم وساد الانقسام وأصبح كل فرد في الأسرة في وادٍ والأخر في وادٍ أخر بفعل السوشيال ميديا ومقتضيات الحداثة.
وختاما.. غياب دور الحماية عامل مهم في معاناة الأجيال الجديدة من التفكك الأسرى، وذلك بسبب غياب سطوة الوالدين – الأب والأم - بفعل مقتضيات الحداثة واستيراد أفكار في التربية يظنان أنها الطريق السليم وهو للأسف طريق إلى التفكك والانحلال والفوضى الأسرية..