مؤكد أن مفهوم الهجرة الحقيقي إلى الله، هو أن نهجر الذنوب والمعاصي، وكل ما حرم الله ورسوله، إلى جانب وجوب التوبة والبعد عن أهل السوء، فمن أراد الهجرة إلى الله فعليه بفعل الطاعات والفرائض، والاجتهاد فى عمل الخيرات، ولأن من أجل الأمور وأعظمها اغتنام فرص العطايا والمنح الإلهية والربانية، وما أكثر هذه العطايا والمنح في الأشهر الحرم التي فضلها الله على سائر شهور السنة، فخص الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصهن بالتشريف، لذلك علينا أن نتعلم من دروس الهجرة النبوية، خاصة أننا فى أمس الحاجة إلى فضل هذه الأيام المباركة في ظل المعاناة من موجة الغلاء العالمية وارتفاع الأسعار والتي تتطلب منا جميعا التكاتف والتضامن وفعل الخير لمساعدة الفقراء، إضافة إلى عظمة وفضل المسارعة إلى الخيرات، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز، "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ". وقال أيضا "جل شأنه": "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ".
والاحتفال بالمناسبات الدينية بشكل عام أمر عظيم لنشر الوعى السليم وترسيخ معانى روحانية لتهذيب النفوس وتقويمها نحو الصلاح والإصلاح، لذا يجب علينا اغتنام فضل يوم الهجرة المبارك بالدعوة إلى الله عز وجل بالعفو وصلاح الحال والتصدق وترك المشاحنة والخصام، فما أحوجنا إلى التسارع إلى سبيل الخيرات والأفعال الطيبة التي فيها النفع للمحتاجين والمعوزين في ظل أزمة طاحنة تستوجب علينا جميعا الإكثار من الطاعات والقربات بأنواعها في شهر مبارك ترفع فيها الأعمال إلى الله.
وأخيرا.. اعلم عزيزى القارئ، إن الله لا يؤخر أمرًا إلا لخير، ولا يحرمك أمرًا إلا لخير، ولا ينزل عليك بلاء إلا لخير فلا تحزن، فرب الخير لا يأتى إلا بخير، وتذكَّر أن ربَّك يغفر لمن يستغفر، ويتوب على من تاب، ويقبل من عاد، واعلم عزيزي أيضا، أن أهم ما يجب أن نفعله ونحن نحتفل بالعام الهجري أن نتحول من التشدد إلى الرحمة والتسامح، ومن الشقاق والخلاف للوحدة والتكاتف والتضامن، وأن تعود العلاقات والصلات الطيبة بين المتخاصمين والمتنازعين، وأن يعم الصفاء والوئام والتسامح بين الناس، ليغفر الله ذنوبنا وينعم علينا من فضله وبركاته وخيراته..