ظاهرة زواج الأطفال من أخطر الظواهر التي يجب مواجهتها بحسم من خلال توظيف كافة الوسائل والطرق، لما تتسبب في تحديات ومخاطر عديدة وتهديدات كبيرة لأنها ببساطة جريمة في حق الطفولة وفى حق المجتمع ككل، وأعتقد أن أهم الأسلحة لمواجهة هذه الظاهرة هو سلاح الوعى والتوعية والعمل على زيادة نسب التعليم في المناطق النائية والمجتمعات الريفية، بالإضافة إلى ضرورة تغيير الثقافات العامة للمواطنين بشأن الشرف والعرض والعزوة، لأن هذه الثقافات ضمن الأسباب الرئيسية لتنامى هذه الظاهرة، فما زال هناك من يعتقد أن زواج أبنائه في الصغر بمثابة حماية لشرفهم، وكما يقولون "الزواج سُترة" غير عابئين بالمخاطر جراء هذه الأفعال، خاصة أنه ما كان يجوز في الماضى لا يجوز الآن في ظل الانفتاح، فالمفاهيم اختلفت تماما، والأمور تغيرت جملة وتفصيلا.
لذلك، يجب أن تعى هذه الأسر، أن زواج القاصرات جريمة فى حق الطفولة، لأن بزواجها فإن الفتاة القاصر تُحرم من حق استكمال التعليم، ونمو الإدراك كزوجة وأم، مما ينعكس هذا بالسلب على حياتها الخاصة وتكوينها الثقافي بل وتهديد مستقبلها بالطلاق والانفصال وتشرد الأطفال، خلاف أن الزواج المبكر يسبب مخاطر كبيرة للفتاة فى حالة الحمل أو أثناء الولادة مما يهدد صحتها العامة.
وإذا كنا متفقين أن الزيادة السكانية من أخطر التحديات التي تواجه الدولة المصرية، فقولا واحدا، فزواج الأطفال أحد الأسباب المباشرة في الزيادة السكانية، فوفقا للإحصاءات فإن متوسط عدد الأطفال للمرأة المصرية فى حالة الزواج قبل 18 سنة يرتفع إلى 3.7 طفلا، بينما متوسط عدد الأطفال للمرأة المتزوجة بعد 22 سنة يصل إلى 2.8 طفلا.
وأخيرا، نستطيع القول، إن الحل يبدأ من الوعى الذى يقودنا إلى تغيير البيئة الثقافية لدى بعض الفئات في المجتمع التي تتعامل مع الزواج المبكر ضمن دستور عادتها وتقاليدها التي تؤمن بها، والتي هي ضمن موروثاتها الثقافية والاجتماعية، وبالتزامن مع الوعى يجب تفعيل العقوبات التى أقرها القانون في هذا الشأن، لأنه دون ردع لن يكن هناك حل، بجانب العمل على تحسن مستوى المناطق التي تزداد فيها الظاهرة معيشيا وتعليميا وصحيا، وأعتقد أن مشروع "حياة كريمة" سياسهم في تعزيز هذا الجانب، إذن يبقى الوعى وتفعيل العقوبات لتبدأ المواجهة الحقيقية..