عندما يحكم الفنان على نفسه بالنسيان!

بحجة طمأنة الجمهور أصبحت حياة الكثير من الفنانين والفنانات مشاع بين الناس ، وأصبحت أخبار حياتهم الشخصية تسبق كثيرا أعمالهم وإنتاجهم ، فلا يمر أسبوع دون فضيحة جديدة ومشاكل شديدة الخصوصية بعضها حقيقي وبعضها كاذب ، ولا أعرف من الذي أقنعهم أن انتشار مثل تلك الأخبار والحكايات المؤسفة يمكن أن يزيد من شعبيتهم أو تعاطف المجتمع معهم ! منذ بدأ تاريخ الإبداع البشري في الفنون والآداب وحتى السياسة ونجوم تلك المواهب محط أنظار الناس ، بل أطلق عليهم مسمى " نجم "، وهو تشبيه رائع من المفترض أنه يعكس تلك المكانة العالية التي يتطلع إليها المعجبين والمحبين والمتلقين لهذه الإبداعات ، لهذا كان الفضول يلاحقهم دائما ، ويلاحق أخبارهم وحياتهم ، وكان الأذكياء منهم يجتهدون ليكونوا لائقين بالصورة المثالية التي رسمها لهم الجمهور في أذهانهم ، ويضعونهم موضع الاحترام والتوقير . حتى انتشرت وسائل الاعلام الحديثة ومن بعدها مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت حياة الفنانين مشاعًا بين الناس ، لكن المؤسف أن الكثيرين منهم تسابقوا لتنتشر حياتهم الخاصة على الملأ ، وحولوا تلك الوسائل والمواقع لأسلحة تراشق مع خصومهم ، حتى توارت مواهبهم خلف مشاكلهم الشخصية التي أساءت لهم بل ولبلدهم ! فتلك تتعرض للضرب من زوجها ، والثانية نهبها زوجها وسرق أموالها ، وأخرى محبوسة ولا يعرف أحد طريقها ، وهذا يخون زوجته والآخر نكل بزوجته ، وثالث عاق بوالديه ، وأمثلة كثيرة لا حصر لها ، وبين هؤلاء وهؤلاء ينقسم الناس ويختلفوا ، وتشتعل وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج التوك شو ، وهكذا بدلا من أن يقدم الفنانون لجمهورهم ما يسعدهم ، يتحولون إلى حكايات سخيفة ورديئة تحط من قدرهم ومن قدر مهنتهم . صحيح أن الفنان كأي إنسان يلاقي السعادة والتعاسة ، ينجح ويتعثر ، يستقر أحيانا ويواجه مشاكل أحيانا أخرى ، لكنه في النهاية نجم منحه الله هبة تميز بها غيره ليسعد من يقدرون دوره في الحياة وفي المجتمع ، وعليه من الذكاء أن يحافظ على احترام الجمهور لا أن يستدر عطفه بتلك الوسائل الرخيصة التي تنتقص من قدره أكثر مما ترفعه . في الغالب تكون هناك أطراف أخرى تحقق مصالح من نشر مثل هذه الفضائح بل وتسفيد منها ، ولا يفطن صاحب القضية لهذا بل يأخذه شبق التعاطف الكاذب الذي يبديه أصحاب المصالح ، وهؤلاء يساعدون على إشعال الحرائق بين الأطراف حتى تكون الاستفادة مضاعفة، وعدد المشاهدين والمتابعين أكبر . التاريخ يقول أن الفنانين أصحاب الشخصيات القوية والنفوس الواثقة هم الأكثر بقاءً ، وأن الموهبة وحدها غير كافية ، وأنها بدون ذكاء وقوة لا تستمر طويلا ، وأن كثرة المشاكل ونشر الفضائح تقتل الفنان وتقضي عليه ، ولا ترفع أبدا من شأنه ، وهذا ما يجب أن يفطن إليه هولاء الفنانين الذين أهدروا موهبتهم الحقيقية في أشياء لو فعلها أعدائهم ما كانوا أضروهم كما أضروا هم أنفسهم ، لأنهم بهذا يحكمون على أنفسهم بالنسيان والضياع ، وهذا أقسى مصير يلقاه الفنان.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;