لم يكن يتخيل أحدا يوما أن يستيقظ من نومه، ويجد فيروس سي مذلولَا ضعيفا لا يستطيع الاقتراب من مواطنين جدد للتمكن منهم والفتك بهم كما كان في السابق، بفضل قدرة الدولة المصرية لاقتحام هذا الملف الأخطر، كون هذا الفيروس اللعين، شبحا قاتلا نجح في حصد أرواح ألوف من المصريين على مدى عقود متتالية، بعد تمكنه من احتلال أجسادهم والسيطرة عليها حتى ينتهي المطاف بالزج بأصحابها داخل القبور.
أعتقد أن من أكبر إنجازات الدولة المصرية في الفترة الأخيرة، هو نجاحها في فحص عشرات الملايين من المصريين ومسح أجسادهم للكشف عن فيروس سي، إضافة إلى تقديم العلاج بشكل مجاني للمصابين، رغم كلفته العالية جدا، والتي كانت تغلب المرضى في السابق، وتجعلهم يستسلموا لإمرة الفيروس للفتك بهم في النهاية.
لا أبالغ حين أقول أن ما قامت به الدولة في هذا الملف تحديدا، بمثابة إعجاز، كون مصر من الدول الأفريقية النامية وليست متقدمة كالدول الأخرى والتي تنظر إلى التجربة المصرية بعين الاعتبار، وتريد استنساخها للسيطرة على الفيروس والقضاء عليه كما فعلت دولتنا.
مواجهة التهاب الكبد الوبائي وقيام مصر بمسح ملايين المصريين وتوفير العلاج مجانا للمصابين، نالت إشادات كل الدول، ومنظمة الصحة العالمية، والتي ذكرت وبكل فخر، أن مصر عالجت ثلث مرضى فيروس سي بشرق المتوسط، وذلك منذ انطلاق المبادرة الرئاسية فى أكتوبر 2018، من خلال حملة قومية للكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي، والأمراض غير السارية (السكرى وارتفاع ضغط الدم والسمنة).
الأعظم في هذه المبادرة، هي اكتشاف حالات مصابة بفيروس سي داخل كل البيوت المصرية تقريبا، لاسيما في الصعيد والأرياف، لأنهم من يتعرضوا لمياه الترع الملوثة بالبلهارسيا عند ري الأراضي الزراعية مباشرة، وأنا أذكر أن والدتي لم تكن تعاني من أي أعراض على الإطلاق، قبل اكتشاف إصابتها بفيروس سي، وبعض الأمراض الأخرى، بفضل هذه المبادرة الرئاسية التي وجه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لحماية المصريين من الفيروس، والذي يقضي على كبد الإنسان بعد فرض سيطرته على الجسم.
فحص أكثر من 60 مليون مصري للكشف عن فيروس سي وعلاج المصابين، لم يكن بالأمر السهل أو ذات التكلفة الضعيفة، لذا كانت المكافأة لمصر أنها بصدد حصولها على الإشهاد الدولي للخلو من الفيروسات الكبدية من منظمة الصحة العالمية، وذلك بعدما كانت من الدول الأعلى عالميًا في انتشار فيروس سى بين المواطنين، فكل التحية لكل من فكر ونفذ وساهم في علاج المصريين بالمبادرات المصرين والتي يجب أن ترفع شعار "100 مليون صحة وعافية للمصريين".