من رحمة الله على خلقه أن جعل هناك قيما وعبادات يسيرة لا تحتاج إلى أن يبذل فيها الإنسان مالا، أو جهدا، لكن يمكن أن تتحقق بابتسامة، أو بكلمة طيبة أو صدقة خالصة، أو بإماطة أذى، والجميل أن حال قبولها من الخالق تسحر العقول والألباب بفيضه وكرمه.
وأرى أن قيمة جبر الخواطر تأتى على رأس هذه القيم، تلك القيمة التى تعد من أعظم العبادات إلى الله عز وجل، فعندما يغتنمها الإنسان، تكون النتائج مدهشة، حيث تحل البركة حيثما كان الفعل والعمل، فكم رأينا نماذجا مشرفة من أهالينا البسطاء فى الأرياف والضواحى، كان الله معهم فى مرضهم ومرض أبنائهم، فمجرد كوب من الليمون أو النعناع تذهب العلة، فلا طبيب يكشف، ولا تحاليل ولا فحوصات تطلب، وإنما إرادة الله تكون، وكم رأينا أيضا، أبناء بسطاء أصبحوا رموزا فى المجتمع وناجحين ومبدعين فى أعمالهم رغم قلة الحيلة وضنك الحال أثناء مراحل تعليمهم، لكن أراد الله التوفيق والنجاح فكانت بركة من الله ورضا، لذلك علينا أن نعلم أن قيمة البركة هى طرح من رضا الله وإرادته، فهى لا تخضع لقوانين البشر، ولا لحساباتهم الحياتية، ولا تخضع للمنطق ومبادئه، لكنها تخضع لقوله جل شأنه، إنما أمره إذا أراد شىء أن يقول له كن فيكون.
فإذا كنا نريد بركة فى المال والعمل، يجب أن نعلم، أن يد الله تعلو فوق كل الأسباب، وأن نتذكر دائما في ظل سيطرة الحياة النفعية والمادية على حياتنا وطرق تفكيرنا وواقعنا المعيشى، التى أفقدتنا هذه القيم العظيمة قوله تعالى "ويرزق من يشاء بغيّر حساب".
وأخيرا .. فقد قال الله عز وجل، "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"..