انتهى اليوم بكل مشاعره الثقيلة ومشقّاته العَسِره، ولا ننكر أن هناك أسرًا بالكامل لم تتذوق طعم النوم منذ وقت الإعلان عن موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة، قبل خروجها للنور رسميا في الصباح، لتطلق بيوتًا زغاريدًا اِبْتِهاجا بنجاح أبنائهم، وتُسكت أخرى أصوات الفرحة حزنا على رسوب آخرين أو حصول الأخيرين على مجاميعا ضعيفة، اعتقادا بكونها لا تحقق أحلام وطموحات الأسر والأقارب.
لا ننسى أن نبارك لكل الناجحين في الثانوية العامة، متمنين لهم كل التوفيق فيما هو قادم، كما لا نغفل الدعاء بالتوفيق مستقبلا لكل من أخفق في هذه المرحلة، لكن يظل السؤال الحائر في هذا التوقيت من كل عام، "أي كلية تناسبني وتناسب مجموعي وتحقق طموحاتي وآمالي في المستقبل؟".
أياما قليلة ويبدأ تنسيق الجامعات بمراحله المختلفة، والذي ينتظره جميع الطلاب بكل شغف بعد معرفة درجاتهم، وخروجهم من هذه المرحلة الصعبة بحلوها ومرها، لكن قبل أن يقبل الطلاب على التنسيق لاختيار الكليات المختلفة، يتحتم عليهم جميعا أن يتحملوا مسئولياتهم ولا ينظروا أسفل قدميهم باختيارهم الكليات التقليدية التي لا تثمن ولا تغني من جوع، حتى لا يخرج الطالب بعد قضاءه 4 سنوات دراسية، باحثا عن وظيفة تليق به ثم يحجز مقعده في النهاية بـ"ظاهرة البطالة".
إن اختيار الكليات في هذا التوقيت الصعب يجب أن يكون بتأني شديد و تَمَهُّل أشد، ومن الجيد أن الدولة المصرية نظرت خلال السنوات الأخيرة إلى هذا الجانب بعين الاعتبار وضخت ووفرت العديد من الكليات الجديدة والتخصصات الحديثة أمام كل الطلاب لتسهل عليهم فرصة اختيار مستقبل مشرق يحمل كل الخير لهم ولأسرهم.
ومما يدعو للتفاؤل، أقامت الدولة المصرية عشرات من الكليات التكنولوجية بجميع أرجائها، للتأكيد على أهمية هذا النوع من الجامعات التي تنتهج أسلوبا تعليمًا حديثًا وتوفر تدريبًا مختلفا ومتميزا للطلاب في مختلف التخصصات التي يحتاجها سوق العمل في المستقبل، بل ووفق أفضل الممارسات من الناحيتين الأكاديمية والعملية، مما يعكس الاتجاه إلى ربط الدراسة بسوق العمل، وبناء وتطوير المهارات الفنية اللازمة لإلحاق الخريج بسوق العمل مباشرة عقب التخرج.
المستقبل لا يحتاج إلى معادلات وفك لوغاريتمات كما يعتقد البعض، بل نظرة متفائلة وأن نغير الإرث القديم من الأفكار التي نشأنا وترعرعنا عليها في الماضي، ونتجه مباشرة إلى ما يفيدنا ويفيد مجتمعنا ويمكث في الأرض في المستقبل، وألا نترك المجموع من يقودنا إلى كليات ليس منها جدوى بعد ذلك، حتى لا نخرج ونشكي حالنا إلى الزمن من المستقبل المجهول.