تابعنا منذ أيام قليلة نتائج طلاب الثانوية العامة، والتى صدمت البعض من حيث عدم حصول أى طالب على الدرجات النهائية، على الرغم من أن جيلنا "جيل الثمانينات" وأفتخر بأننى من هذا الجيل كان يفاجأ بنتائج تتعدى الـ 100%، وهذا أمر طبيعى نتيجة لتغيير النظام التعليمى وتطويره بشكل يعتمد بشكل أكبر على الفهم والتحصيل الدراسى الجيد، وليس الحفظ فقط، وقد لا يلقى استحسان البعض إلا أنه مؤشر جيد لمحاولات تطوير التعليم التى ستستقر عما قريب بما يناسب عقليات الطلاب المصريين وتطويرهم بشكل يفيد أكثر من ملء الجامعات بعدد كبير ليس لديهم خلفية عما سيتشكل مستقبلهم، وكانوا مجرد أسرى لمكاتب التنسيق التى تضعهم فى المكان المناسب لمجموعهم وليس لهم ولشخصيتهم وإمكانياتهم.
أما نتائج هذا العام فأثرت بالضرورة على تنسيق الطلاب فى الدخول للجامعات، فوزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى تعملان فى تناغم وتعاون مشترك بشكل أكبر الفترة الماضية، من حيث تطوير المناهج واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى تعليم الطلاب، وأيضاً إضافة اختصاصات جديدة فى الساحة التعليمية المصرية لم تكن موجودة من قبل، هدفها إيجاد اختصاصات هامة وجادة يطلبها السوق والمجتمع المصرى فى هذه الآونة وبشدة، ولكن هذه التخصصات ربما تثير بعض القلق والتوتر من الطلاب وذويهم فى بعض الأحيان.
ينبغى معرفة أن الواقع وتطوراته السريعة نحو المستقبل تتطلب المعرفة الجيدة لكل المستجدات التعليمية الحديثة، وإلا سنظل على نفس الوضع لفترات طويلة، التغييرات الكثيرة فى النظام التعليمى تساهم بشكل أكبر فى تعويد الطالب على المرونة، والقدرة مع التأقلم والتعلم الذاتى، وهو الأمر الذى يرفضه البعض من حيث كون التعليم سابقاً كان مجرد كلشيهات محفوظة ويعاد صياغتها فقط من وقت لآخر.
الأمر وما فيه ان النتائج الجديدة والتى لم ترضى البعض يبرز فيها الجانب العقلى والنقدى بشكل كبير، كـ بديلاً عن الحفظ والترديد الأعمى، الامر الذى منح التعليم العالى وضع فرص جديدة امام الطلاب فى تعلم مناهج جديدة واختصاصات مطلوبة فى تلك الفترة، وأياً كان المجموع الذى حصل عليه الطالب فى الثانوية فلازالت الفرصة متاحة امامه فى اختيار اى من الفروع الجديدة والتى تساعده وتساعد مصر فى الارتقاء والنمو والتطور.
كان يمكن إعادة ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعى فى كون أغلبية الحاصلين على الدرجات العليا ليسوا عباقرة أو علماء، ولكنى أختلف مع ذلك جداً، فهم عباقرة بالفعل، ولكن عدم وجود شغف حقيقى لهم هو ما يمنعهم من الاستمرار ويقتل بداخلهم الطموح، وأيضاً محاولة الأسرة فى فرض تعليم بعينه على أساس إنه "قمة" من حيث المعايير المتعارف عليها فى المجتمع هو السبب الحقيقى فى الأزمة.
لذا فمقالى فى البداية والنهاية موجه للطالب نفسه؛ اختر ما تراه مناسبا لك، ويحقق شغفك وطموحك، واجتهد فيه، فتحقيق ذاتك ونجاحك متوقف عليك، وليس على نظرة المجتمع لك.
وختاماً.. أوجه كلمة للأسرة، بما أنها عانت الأمرين فى الفترة السابقة من حيث الدراسة وتوفير جو هادئ لأبنائهم، وأيضاً المصاريف الخرافية المدفوعة والجهد المبذول، حاولوا أن تكونوا الدعم الأساسى والحقيقى لأبنائكم، لا ضير فى مجاميعهم، فهم سعوا بكل جهدهم لتحقيق ما تريدونه أنتم، لذا لا تضعوا الأمور فوق طاقاتهم، وإذا خان أولادكم التوفيق حالياً فالمستقبل ما زال موجودا، والفرص ما زالت متاحة، كونوا الداعم النفسى والمعنوى الإيجابي، فما حدث قد حدث، العبرة بالخواتيم ونتائج الأمور.