لاشك أن هناك تشابها كبيرا بين السلاح والسوشيال ميديا، حيث خُلق كلاهما في البداية لخدمة البشر، ثم تحولا بفعل البشر أنفسهم إلى وسيلة تودى بأصحابها إلى الهلاك، ليعيشوا جبرا تحت أنقاض الدمار، وأنا أسلط الضوء تحديدا في سطوري هذه على مخاطر شبكات مشاركة الفيديوهات لاسيما على الفتيات والأطفال.
للأسف ما زال العالم بأسره يواجه كارثة مجتمعية كبرى سببها تعاظم الاستخدامات غير المنضبطة لمنصات التواصل الاجتماعي، ورغم فوائد تلك المنصات، لاسيما الناشرة للفيديوهات، والتي يمكن استخدامها لخدمة المجتمع والأفراد، إلا أنها باتت مصدرا لتصدير المخاطر والأضرار لإسقاط هذه المجتمعات بشتى الطرق والوسائل، وهنا تكمن أهمية الوعي وتنميته لردع كل المصائب والنوايا الخفية من وراء هذه المنصات الشيطانية.
تَفَاقُم منصات مشاركة الفيديوهات - أيًا كانت مسمياتها - يجب أن يتواكب مع تعاظم كبير بالوعي المجتمعي حول المخاطر المحتملة من وراء بعض هذه الشبكات العنكبوتية السامة، وربما يبقى الأخطر حتى الآن، مواقع الفيديوهات القصيرة، حيث نرى فتيات تظهرن بهيئات مستفزة على مرأى ومسمع الجميع، وأطفال لم يبلغوا من العمر بضع سنوات، يقدمون محتويات ليس لها طعمًا ولا رائحة بل يسيء إلى نَشْأة ومجتمعه دون إدراك.
بالتأكيد، يظل الاكتشاف المبكر لبعض الكوارث والسلبيات المسببة لها، أمرًا جيدا لعلاج الأزمات قبل تفاقهما، وهنا نعول كثيرا على دور الأسرة في حماية المجتمعات من شر قد اقترب، بل والنهوض بها لدفعها إلى أعلى المستويات، وأقصد أن الرقابة على ما يفعله الأبناء على مواقع السوشيال ميديا المختلفة – لاسيما الذين لم يصلوا لسن الرشد – وعدم تركهم في بحور العالم الافتراضي المخيف، هو السبيل الوحيد للحيلولة دون بداية العلل والأمراض.
إن استخدامات السوشيال ميديا وتحديدا مواقع الفيديوهات، يجب أن تكون للتعلم وتقديم محتويات مفيدة للآخرين، وليس من أجل التحريض على الفسق والفجور وإثارة الغرائز والإضرار بالمجتمعات، بهدف جني الأرباح وتحقيق الشهرة المزيفة، فكلما كانت الفوائد أكبر من السلبيات، كلما زدنا رقيا ولَبَاقَة.
لا جدوى من إهدار الوقت وضياع المال في مشاهدة فيديوهات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تفيد إلا من قام بتصويرها وبثها، مقابل حصولك على أشياءً تضرك ولا تنفعك، بل وتصيب البعض بأمراض نفسية كالاكتئاب والتوتر والاضطراب النفسي، بجانب الاتجاه إلى هوس الشهرة من خلال تقليد شخصيات لم تنفذ إلا أعمالا ضارة أو خطرة أو مخلة، لجذب المتابعين والمشاهدين.
الوعي في مواجهة كل ما يخالف عادات الأسرة والمجتمع، ويمنع الانشغال بمشاهدة فيديوهات ساقطه، ويردع انتشار العري والابتزاز والتحرش الجنسي والرزيلة، ويحافظ على الثقافات والأديان والعادات والتقاليد، بات مطلوبًا لدى كل الأسر التي لا يُطلب منها إلا ملء أوقات فراغ أبنائهم بالقراءة والاضطلاع ورعاية مواهبهم لإخراج كل ما هو جيد من داخلهم، فالمرأة عمود المجتمع وأساسه، فإذا انصلح فهنيئا بنشء سيحمل الرايات ويخدم البدايات والنهايات.