نعيش زمن العجائب.. تهاجم الدولة تصبح «بطل».. تدعو لاستقرار بلادك تصبح «مطبلاتى»
كتبت مقالا يوم السبت الماضى 2 يوليو، تحت عنوان «سقطة د. نور فرحات فى «فخ» مقارنة ليليان داود بشيخ العرب همام»، طرحت فيه سؤالا على الدكتور نور فرحات نصه: «هل يجوز مقارنة من نذر نفسه لنهضة مصر وتقدمها بمن كرس كل جهوده لهدمها وتدميرها؟».
وقلت أيضا: «لم أتخيل لحظة واحدة، أن رجل قانون بقيمة وقامة الدكتور نور فرحات، يخرج عن كياسته ويشن هجوما ضاريا ضد المصريين، الذين أيدوا قرار إبعاد الإعلامية اللبنانية، وبريطانية الجنسية «ليليان داود»، ووصفهم بأنهم «يثرثرون ثرثرة بغيضة على صفحات التواصل الاجتماعى بأن ليليان داود ليست مصرية ولا يحق لها الحديث عن مصر».
وأوضحت فى المقال أنه لا يمكن لأى جهة أو مسؤول أو شخص عادى أن ينزع حق إنسان فى الدفاع عن ليليان داود، لكن أيضا لا يستطيع أى شخص، مهما كان وضعه، أن ينزع حق إنسان، أيضا، فى التعبير عن رأيه برفض ما كانت تقدمه ليليان داود، وهى تهاجم مؤسسات الدولة، ومن ثم هجوم الدكتور نور فرحات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ووصف الحالة الساخطة والغاضبة ضد ليليان داود بأنها «ثرثرة بغيضة»، فهو أمر مرفوض ولا يمكن قبوله.
وإلى هنا الأمر لم يخرج عن دائرة الأسئلة المباحة والمغلفة بالتقدير والاحترام، وعدم التجاوز فى حق الدكتور نور فرحات، بل وصفته نصا بـ«القيمة والقامة القانونية»، إلا أننى فوجئت بالرجل يكتب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك: «سؤال جاد فعلا.. هل هناك صحفى اسمه دندراوى الهوارى، وفى أى صحيفة، وما هو انتماؤه الفكرى»، وترك دراويشه ومريديه للانطلاق فى حملة مسعورة ضدى مستخدمين كل ألفاظ الانحطاط والسفالة التى يعاقب عليها القانون».
بداية أنا فوجئت بتصرف الأستاذ الجامعى والسياسى والخبير فى كل شىء يرتكب خطأ لغويا بالغا، عندما كتب كلمة «اسمه» بوضع همزة تحت الألف لتصبح «إسمه»، وهو خطأ لغوى لا يقع فيه طالب ابتدائى، لأن الـ«اسم» لها قاعدة بمفردها لا تضع تحتها أو فوقها أية همزات، كونها من ضمن الأسماء الستة التى لا توضع على ألفها «همزات» إلا عند الجمع مثل «أسماء»، وهذه نقطة نظام وجب توضيحها.
أما الأمر المهم، فكيف لأستاذ جامعى، ومنظر هذا الزمان، والخبير السياسى والاستراتيجى، أن يدخل دائرة «فتح أقفال أقفاص الكلاب المسعورة» لإطلاقها على معارضيه وضد كل من ينتقده، وهنا تشتعل كالعادة نيران الأسئلة، كيف لأستاذ جامعى ورجل حزبى وسياسى، يواصل الليل بالنهار فى نقد النظام والحكومة والمؤسسات المختلفة، ويدافع عن «ليليان داود» بكل جوارحه، أن لا يتحمل نقدا مغلفا بكل أوراق الاحترام؟ وهل من حق نور فرحات أن يدافع عن ليليان داود ويهين المصريين من معارضى ليليان داود؟
نعم، أزعجنى أن يقارن نور فرحات بين الثائر العظيم «شيخ العرب همام» عظيم عظماء الصعيد، وكبير قبائل هوارة، الذى قاد ثورة كبرى ضد المماليك، بإعلامية دشنت لإثارة الفوضى فى مصر، وذلك لأمرين مهمين، الأول: إن المقارنة تفتقد كل أدوات المنطق والعقل، وفيه إهانة لزعيم قبائل هوارة، ثانيا: كونى أنتمى لهذه القبيلة العريقة ببطونها السبع، فإنه وقع علينا ضرر بالغ من هذه المقارنة بالغة السوء.
نور فرحات للأسف يجلس فوق قمة شجرة الغرور، ويرى فى نفسه المالك الحصرى للفهم القانونى والسياسى وعلم الاجتماع وعلوم البحار، وهو أمر غريب أن كل دراويش ثورة 25 يناير يفهمون فى كل شىء، علوم البحار وما وراء الطبيعة والفيزياء والكيمياء والتحنيط عند الفراعنة، وفك شفرات اللغة المصرية القديمة بخطوطها الثلاثة، الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية، وأيضا العلوم العسكرية، وعلوم الفضاء، والأدب والنقد، كل شىء.
نور فرحات الباحث عن الأضواء والشهرة، والباحث عن مغانم سياسية كبيرة، قرر خوض الانتخابات البرلمانية، ولكنه تراجع فى آخر لحظة لعلمه بأنه سيحصل على «صفر» أصوات، ثم خاض الانتخابات على رئاسة الحزب المصرى الديمقراطى، وأيضا فشل، ومع ذلك يعطى لنفسه الحق فى نقد وشن الهجوم على الجهات والأفراد، فى الوقت الذى ينزعه نزعا من معارضيه.
نور فرحات الحائز على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 2003، فى عز عنفوان نظام مبارك، فإنه من المعلوم بالضرورة أن الجوائز فى عصر مبارك كانت لا تمنح إلا للمؤيدين والمناصرين للنظام، أيضا يعمل فى جامعات حكومية، يتقاضى أجرا من الحكومة، بينما أنا صحفى يعمل طيلة حياته الصحفية فى جرائد مستقلة ومعارضة، ولم يتقاض مليما واحدا من الدولة طوال حياته.
إنه زمن العجائب يا سيدى، اختلط فيه أنساب المفاهيم، وانتهكت شرف الحكمة، فأصبح الذى يهاجم الدولة بطلا، والداعم لأمن واستقرار بلاده، عبدا وطبالا.
وللإجابة على سؤال نور فرحات، أنا صحفى ليس له أى انتماء سياسى أو فكرى، انتمائى فقط لأمن واستقرار وطنى، وداعم لجيشه العظيم، ولم أكن يوما عضوا فى حزب أو تيار أو حركة، ولن يكون.