الشخص الناجح هو من يتعامل مع صعوبات الحياة بمنطق التحدى، لا يمل ولا يستمع إلا للمنطق الذى يوجهه إلى أهدافه، لذا فأى أزمة قد نراها اليوم ما هى إلا تحدٍ موسع، قليلون من يجرؤون على تخطيها، أو محاولة المرور منها، فلن تجد شخصا ناجحا لم يقابل فى حياته أزامات جعلته يعيد التفكير مرارًا وتكراراً.
ينبغى أولاً تعريف الأزمات بأنها مواقف قد يقع فيها الفرد يختبر بها قدرته على السير حتى الوصول لما يريد، ولكن إذا نظرنا بشكل مختلف واعتبرنا أنفسنا داخل دائرة التحديات، فهناك دائما معوقات تمنع الرد من تحقيق ذاته وآماله وأحلامه وتطلعاته، وقد يراها الآخرون تحديات من السهل اجتيازها، ولكن لن يستطيع الحكم عليها إلا من يعيشها ويحللها بل ويعمل على تجاوزها، لذا فالمنظور يختلف من شخص لآخر وإمكانيات كل على حدة.
تلك الأزمات هى بالأحرى تحديات، وبالتفكير فيها بمنطق وعقلانية واتخاذ الإجراء الذى من شأنه أن يجعل المرء قادرا على تخطيها بكل سهولة وأمان، هو التحدى، تحدى الذات وتحدى المعوقات والظروف التى قد تكون فى الأغلب معاكسة لأمانى الفرد لتحقيق تطلعاته.
وإذا نظرنا بشكل أقرب ستكون هناك هذه الأزمات وبعد وصول الشخص لمسعاه، وتحقيق أهدافه وأحلامه، مجرد ذكريات وتحديات، وقصة طريفة من قصص نجاح كثيرة يرويها البعض فى جلسات صداقة أو عائلية وغيرها.
وبما أن الدول هي مجتمع يتكون من مجموع أفراد، فتنطبق عليها نفس القواعد التي تنطبق على كل فرد فيها، فالدول تعانى في كثير من الأحيان أزمات ومنحنيات ومعوقات في سبيل تحقيق أهدافها وأحلامها، فالدولة المصرية مثلا مرت بها خلال العقود الأخيرة أزمات موجعة، ومطبات كبيرة، ومعوقات ضخمة، ناتجة من عوامل كثيرة، منها ما جاء بسبب جماعة الشر ومموليها وداعميها، وخططها الرامية إلى عرقلة أي نجاح أو ازدهار، أو معوقات بسبب الأزمات العالمية التى ضربت الكرة الأرضية، مثل فيروس كورونا الذى أخضع العالم، وجمد كافة خطط التنمية في بقاع الأرض، ومن بعده الحرب الروسية الأوكرانية، التي شقت صف العالم، وأثرت على سلاسل الغذاء، ورفعت أسعار الوقود والغذاء وكافة السلع.
ولكن الغريب والذى أصبح محط إعجاب العالم، أن مصر اعتبرت تلك الأزمات حافزا وبساطاً سحريا يحلق بها نحو تحقيق أهدافها وفق رؤية موسعة، وبالتالي تغلبت على الأزمات بتنفيذ كم كبير من الإنجازات، تحت شعار الإنجازات الحل السحرى لأى أزمات، مع توزيع الملفات على فرق عمل لإقامة خطط خاصة بكل أزمة، مع وجود نظرة ثاقبة مشتركة بين هذه الفرق، وبعد إنجاز العديد من النجاحات العديدة الملموسة على الصعيد العملى وليس النظرى فقط، فإن التحديات الحالية، دفعت الدولة المصرية لاتخاذ تدابير احترازية وإجراءات حمائية لحماية المواطنين من الغلاء، كما سعت لحل تلك المشكلات فى مشاركة حقيقية مع دول العالم أجمع، وكأنها توجه دعوة للعالم بأسره للاجتماع على كلمة واحدة وهى مصلحة وأمن وحياة المواطنين، وتحقيق سبل الأمان والرعاية المنوطة بها حكومات العالم.
التحديات لا تنتهى، ولكننا قادرون على تخطى أى تحدٍ بإصرار وعزيمة ومثابرة، وإذا حاولنا ذكر التحديات التى تخطيناها على سبيل المثال فى آخر ثلاثة عقود فيلزم توثيق التاريخ بالعديد من الكتب لوصف ما كان وما مررنا به وكيف أصحبت الآن.
ولكن لن نضيع الوقت فى الانشغال على ما قد سبق، فالمستقبل يفرض تحديات جديدة ينبغى أن نعيها ونستعد للتعامل معها بكل قوة وجهد وإصرار، وهذا ما جعل الأمة المصرية صامدة حتى الآن، وستبقى بإذن الله.