"تمني الخير للغير"، لا يقدر عليه سوى الأنقياء، فالسعادة الحقيقية تسكن القلوب الطيبة التي تتمنى الخير لغيرها، وتزداد المحبة عندما يروا الناس قلباً نقياً تتمنى لهم الخير والسعادة.
للآسف، مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، وحرص البعض على إطلاع الجميع على حياتهم الشخصية، من خلال الصور والبوستات، التي ترصد وتوثق حياتهم اليومية، بات هؤلاء الأشخاص في مرمى "الحقد، والحسد، والغيرة" من البعض أحيانا.
وبما أن هناك نفوسا كثيرة تحب الخير للغير، فإن هناك أيضا، بعض النفوس غير السليمة التي تكره الخير للغير، تترصد لهؤلاء الناجحين والموفقين في حياتهم، ومن يظهرون للناس أنهم سعداء، فيكون الحقد عليهم حاضرًا وجاهزًا.
التحية هنا واجبة، لهؤلاء الأشخاص الأنقياء الذين يتمنون الخير للغير، هذه النفوس الطيبة المحبة للجميع، الراضية بكل حال، فهم يعلمون جيدا أن الرضا جنة العارفين.
تمني الخير للغير، والرضا بكل حال، صفات اتسم بها السلف الصالح، فقد كانوا يتواصون بالرضا وتربية النفس عليه، لعلمهم بعلو منزلته، فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يكتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فيقول: "أما بعد، فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر".
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما كانت من وصايا لقمان عليه السلام لولده: "أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك من سخطه: أن تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت".
إن من وطَّن نفسه على الرضا عاش في الدنيا حياة طيبة، ولم تعرف الهموم والأكدار إلى قلبه سبيلاً، كيف وقد رضي الله عنه.
الأمر لم يتوقف على حلاوة الرضا، وإبما يتخطى ذلك وصولا للحياة الطيبة، حيث يقول المولى عز وجل: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة.."، وقد فسرها البعض بأنها حياة الرضا والقناعة.