في ظل سيطرة الحياة المادية والافتراضية على حياتنا أصبحنا نفتقد كثيرا من القيم والعادات والتقاليد الجميلة التي كان يتميز بها مجتمعنا، وأهم هذه القيم صلة الرحم، وأصبحنا نشتكى من غيابها، ونسينا أنه من المستحبّ شرعًا زيارة الأقارب والأرحام والأصدقاء، والمجاملة فى الأفراح، والمواساة في الأحزان، والوقوف بجانبهم في المرض والكرب والشدة.
لكن بفعل وسائل الحداثة الجديدة، تحول الإنسان إلى رقم، وأصبح الاتصال عن طريق مكالمة هاتفية أو بإرسال رسالة، لتتحول الحياة الإنسانية إلى حياة افتراضية تسودها العزلة والانفصال وتبلد المشاعر وانقطاع صلة الرحم، فهل ينكر أحد أن الأسرة أصبحت تعيش فى مكان واحد ولا يتحدثون مع بعض، بسبب انشغالهم بالهاتف ومنصات التواصل الاجتماعى، بل الخطورة أن المخاطبة بطرق التكنولوجيا الحديثة تؤدى إلى انتهاء إحساس المشاركة، فالكل يكتفى بإرسال رسالة أو إجراء مكالمة قصيرة، وبالتالى يؤدى إلى تباعد الناس عن بعضهم وفقد روح التعاون والمشاركة فيما بينهم، فتقل صفات الشهامة والجدعنة والمروءة والإيجابية في السلوكيات في العمل والشارع.
لذا.. وجب علينا أن نُذًكر بأهمية التواصل المباشر بين الناس، وخاصة الأقارب وأهل الرحم، فقد قال نبينا الكريم عليه السلام: «إنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن عَادَ مَرِيضًا أَو زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَن طِبتَ وَطَابَ مَمشَاكَ وَتَبَوَّأتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنزِلًا».
وختاما، ندق ناقوس الخطر من اتساع هذه الظاهرة، لذا علينا استغلال أي فرصة لإحياء التواصل المباشر وجها لوجه، دون وسيط تكنولوجي يساهم في بناء الحواجز بيننا وبين من نُحب، لتعود إلينا مشاعر اللمة والمحبة والألفة من جديد..