الزيارة تؤكد تمدد النفوذ الإسرائيلى فى أفريقيا
«فى ظل انشغالنا بالعيد ومحاولات الهدوء من المسلسلات الرمضانية، والأحداث السياسية وجدنا أمامنا فجأة مسلسلا آخر يعرض علينا أكثر خطورة، ويبدأ البث للحلقات الأولى لهذه الدراما السياسة من عمق القارة الأفريقيا بزيارة محددة لرئيس الوزراء الِإسرائيلى نتيناهو لأوغندا وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا يرافقة فيها عدد كبير من رجال الأعمال يحملون أجندات اقتصادية ممنهجة، تسمح بزيادة التصدير، والتعاون بين الدول الأفريقية وإسرائيل، ومبالغ مالية تقدم فى صيغة الدعم التجارى، بالإضافة لتخصيص أموال لبعض الدول الأفريقية فى البنك الدولى مع استخدام الميزة النسبية لإسرائيل، مما سيترتب عليه رباط قوى للمصالح بين الطرفين.
وقطعا كل الأحداث والتداعيات لهذا المسلسل ستجعل من حلقاته أكثر سخونة فى المرحلة المقبلة منذ إعلان الاختيار الأول لتوقيت الزيارة الذى يصادف ذكرى عملية عتيبى! «الذى قتل فيها شقيق نتنياهو الأكبر» ويتوافق أيضا ذكرى عيد الاستقلال الأمريكى فهل مجرد صدفة! أم هذه الزيارة أعمق من حالة الحرب على المياه فى حوض النيل التى تسعى إسرائيل منذ عقود المشاركة فيها لتضمن حقها بحصة أو الهدف للضغط فى موضوع سد النهضة أو هو أهداف مشتركة لحصار مصر، فهناك مخططات ودول فوق الشبهات! تكوين تحالفات وتغير سياسات يؤكد أن هناك صيفا ساخنا بامتياز! وهذا ما هو ظاهر لنا على السطح فى هذا التوقيت بالذات تهرول إسرائيل بعد عشر سنوات غياب لأفريقيا للاستفادة المتعددة، والرغبة فى تشكيل عدد من العلاقات والمصالح تخلق ترابط مع الدب الروسى من جهة والثعلب التركى من جهة أخرى، والتقدم بعلاقات استراتجية لضمان شكل من أشكال اللوبى الجديد الموحد من عدد من الدول الأفريقية خلال التصويت لها فى المؤسسات الدولية، حين يكون فى حاجة لموقف موحد على قضايا معينة أو لتأييد توجه محدد أو لقيادة اللجان المهمة داخل مجلس الأمن، كما حصدت بذلك مصر مؤخرا!
والأهم هو أن هذه الزيارة تؤكد التمدد للنفوذ الإسرائيلى لأفريقيا الذى لن يفيدها وحدها، ولكن يفيد أيضا حليفتها الأم أمريكا فى أدوات الضغط، والتنافس على هذه المساحة المستباحة فى أفريقيا وتملأها الصين بمشاريعها ومخططاتها الاقتصادية وتشاركها فى المساحة وبالوجود هناك أيضا كل من تركيا وإيران، بالاستثمارات المختلفة على المستوى التنموى والتجارى، والسياسى، للقارة الأفريقية، وقد تستعيد بذلك إسرائيل عددا من الأوراق الأفريقية الجديدة، وتسترجع بها علاقاتها القديمة لعدد من الدول الاستراتجية هناك، وتفتح من خلالها أبوابا أفريقية عربية للتعاون على المكشوف، خاصة أن القارة السمراء تحتوى على عدد من المنافذ البحرية المهمة.
والحقيقة لم ولن يرهب مصر هذا المسلسل، فمازلت مصر تمتلك من خبراتها وأوراقها السياسية هناك تفعّلها لم تكن على المستوى المفروض ولا بالاهتمام خلال كل السنوات الماضية، ولكنها استعادت الكثير فى ظل قيادتها الحالية، ومن المعروف أن هناك من التعقيدات والتركيبات الأفريقية التى لا تحل كلها بالأموال، لذلك سيظهر أدوار للآخرين فى المنطقة وشراكة اقتصادية وفتح سوق عمل يجمع العديد من الأطراف حتى لو بدأ بشركات ورجال أعمال وليس دول بعينها، فلا يجب أن ننسى أن اليوم المصالح الاقتصادية هدف وأن معدل البطالة أهم للعديد من الأنظمة من مشكلة «فلسطين»، لذلك سنتابع حلقات المسلسل الجديد وردود أفعاله، لأن آليات التعاون لم تحدد بدقة ونتذكر أن حاجة مصر للتوازن هو مطلب جماعى للاستقرار فى المنطقة.