الأزمات دائمًا ما تظهر المعدن الأصيل للشعوب ولم يكن غريبًا على الشعب المصرى أن يمد يده بكل الحب للشعب السورى الشقيق الذى ترك دياره من شدة ويلات الحرب التى لاتبقى على صغير أو كبير، ونزح الشعب السورى إلى ربوع مصر حيث بلغ العدد الآن مايقرب من 2 مليون مواطن سورى، وسهلت الحكومة إجراءات إلتحاق أبناء السوريين بالمدارس، ولم يجد الشعب السورى أية معاناة فى التأقلم والعيش مع أشقائهم المصريين.
ما نتحدث عنه هو بكل المقاييس ظاهرة تستحق المتابعة والتقييم، ففى الوقت الذى يعانى منه الشعب المصرى من البطالة تجد أن الأشقاء السوريين نجحوا فى اختراق سوق العمل فى شتى المجالات خاصة فى مجال المطاعم الذى حققوا فيه نجاحًا مبهرًا، وهذا يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن البطالة الموجودة فى مصر هى بطالة مقنعة غير حقيقية، لأنه من المفروض أن يبحث الشباب عن عمل يدر دخلًا حتى يجدوا ما يطمحون إليه، لا أن يمتنع الكثيرون عن خوض التجارب للعمل فى مجالات بعيدة عن تخصصات الدراسة ويعلنوا أنهم يعانون من البطالة.
إن تنشيط سوق العمل بمشروعات وأفكار جديدة تخلق حالة من الرواج وسد الثغرات التى تعجز الحكومة عن حلها، فمن غير المعقول أن يقف الشباب مكتوف الأيدى معلنًا أنه لايجد عملًا، فنحن نحتاج إلى ثورة فى فكر الشباب والأسر، فكل عمل شريف يحترم لأن صاحبه يكسب رزقه بالتعب والجهد وحرى بنا أن نحترمه ونشجعه، يجب على الشباب ألا ينتظر بعد التخرج من الجامعات أو المعاهد المتخصصة أن يحصل على وظيفة حكومية، فهذا الفكر أصبح باليًا وعلينا أن نواكب العصر فى حركته السريعة وأن نستجيب لمستجدات سوق العمل، فالدول الكبرى لم تصل إلى ماهى عليه إلا بالمشروعات الصغيرة التى تؤدى إلى تبنى المشروعات العملاقة.
فلم يكن النموذج السورى إلا بارقة أمل أن مصر مليئة بالخيرات، فقط لانريد أن يتكبر أحد على العمل الحر فالمجتمعات لا تبنى إلا بتكاتف أبنائها حكومة وشعبًا.