من رحم المعاناة والتعب يولد الإصرار والعناد، ومن رحم الصعاب يولد التحدي، ومن رحم الأحزان تولد الفرحة والبهجة، ومن رحم الانكسار يأتي النصر والفوز، وفي الشدائد تظهر معادن الرجال.. هذا هو باختصار قصة الزمالك قاهر الصعاب وصاحب الإرادة والتحدي للسير فوق الصعب وفوق الأشواك للفوز والنصر بأغلى بطولة دوري عام ربما في تاريخه.
للعام الثاني على التوالي يبقى الدرع في ميت عقبة – مقر النادي الملكي- لكن فرحة البقاء هذه المرة مختلفة تماما عن المرات السابقة، فمن تابع البدايات لا يمكن أن يتوقع ما حدث في النهاية.. هزائم متتالية ومعارك إدارية وادارات متعاقبة وأزمات مالية ومنع من القيد لعامين وناد بلا رئيس، ثم لاعبون هاربون أو رأوا في الخروج من الزمالك وتركه وحيدا – سواء بالاستغناء أو الإعارة أو التمرد-هو أفضل طريق للنجاة، فذهب فرجانى ساسي وأشرف بن شرقي وأوناجم وطارق حامد وأبو جبل ومصطفى محمد ومحمود عبد العزيز ومروان حمدي.
التوقعات كلها كانت تشير إلى مرحلة الانهيار والدخول في نفق "العشرية السوداء" وأن البطولة ذاهبة لا محالة للمنافس التقليدي الذي كان فارقا بالنقاط السبع، علاوة على بعض المباريات المؤجلة.
لكن شخصية البطل ومعادن الرجال واصالة ملايين الجماهير ووفائها تظهر في وقت المحن والشدائد، فينتفض الزمالك من تحت ركام المعاناة، كالعنقاء التي تتحدي كل شيء، لكى تحلق وتطير كالنسر في السماء، وتنفض عنها آثار التعب والانهاك و الطعنات.
تعود الأمور الإدارية الى نصابها الصحيح في النادي ويتولى المستشار مرتضى منصور مسئولياته كقائد للنادي مرة أخرى، ويأتي الخبير العالمي البروفيسور الكروي جوسفالدو فيريرا، ويعيد ترتيب الفريق الكروي، ويقبل بالمغامرة، ويلعب بنصف فريق من الشباب إلى جانب الخبرة من لاعبي النادي المخلصين والأوفياء، وتتوالى انتصارات الفريق ويفوز بكأس مصر للعام الماضي ثم الجائزة الكبرى البطولة الصعبة ..بطولة الدوري العام بعد موسم طويل شاق.
فوز الزمالك بهذه البطولة هو إعجاز قبل أن يكون إنجازا، وسيقف تاريخ الكرة في مصر أمامه طويلا بالدراسة والبحث، واعتباره نموذجا في كيفية تحدي الصعب ومواجهة التحديات بالإرادة القوية والإدارة الصحيحة وبالعزيمة والصبر.. لكن كان هناك من يتشبث بالأمل طوال الوقت ويثق في الكيان والفريق ويدعمه بحب وعشق دون مصالح أو مكاسب ومغانم خاصة.. كان هناك جمهور الزمالك في مصر وفي كافة الدول العربية الذي كان واثقا من أن فريقه سيعود بقوة، ويفوز بالبطولات، وقدم هذا الجمهور الكثير من التضحيات لدعم فريقه وتحفيزه، ولذلك يستحق جمهور الزمالك أن يطلق اسمه على بطولة ودرع الدوري الحالي، لأنه هو عنوان الفرحة والبهجة والسعادة وعنوان الوفاء والإخلاص، وعنوان الحقيقة والتي تقول أن "جمهور الزمالك هو البطل".. مليون مبروك لجمهور الزمالك ولتستمر أفراحه بالبطولات بعد سنوات الصبر والمعاناة.