فى زمن السوشيال ميديا وتأثيرها الغريب والعجيب فى كرة القدم، أصبحنا نرى أشياء يصعب على العقل البشرى استيعابها، وهو ما يدفع البعض من المدربين إلى الإدلاء بتصريحات غير متزنة، والبعض يلجأ إلى الرحيل مفضلا الابتعاد، أو إعلان اعتزاله المهنة من الأساس في حالة وصول النقد إلى حد السباب.
وبعيدا عن الانتقادات اللاذعة التي تنال الجميع فى المجال الرياضى، إلا أن هناك نقطة فارقة أصبحت حديث الساعة في الفترة الأخيرة، وهى المطالبة برحيل مدرب أو لاعب، وبعد رحيله تبدأ فترة المطالبة بعودته والكشف عن مزاياه الخفية التي ظهرت فيما بعد، وبعد عودته يطالب البعض برحيله من جديد وأنه لن يقدم جديدا للفريق، وهكذا نبدأ فى دوامة لا تنتهى.
وبين المطالبة برحيل مدرب أو لاعب والمطالبة بعودته من جديد، يظهر تأثير السوشيال ميديا على مجريات الأمور في مجالس الإدارة والقرارت التي قد تخرج بعيدا عن المنطق، وهو ما يؤثر بالسلب على الأندية وعلى تحقيق البطولات التي تأمل الجماهير في تحقيقها.
ولو عاد بنا الزمن لأبرز فترات الكرة المصرية إزدهارا وهى الفترة من 2005 إلى 2010، والتي شهدت استحواذ منتخب مصر والنادى الأهلى على بطولات القارة الأفريقية، وواجه هذا الجيل الذهبى السوشيال ميديا وانتقادها اللاذعة التي نرها الآن لم تحقق إنجازا واحدا من هذه الإنجازات، ولم يكن المعلم حسن شحاته تولى قيادة المنتخب الوطنى من الأساس وحقق إنجازاته، فكيف لمدرب فريق في الدرجة الثانية (المقاولون العرب حينا ذاك)، أن يتولى تدريب منتخب مصر، وكيف يعود مانويل جوزيه لقيادة الأهلى بعد فشله في الفوز بلقب الدورى أمام الإسماعيلى في 2001، وكيف يتعاقد الأهلى مع صفقات قيل وقتها إنها صفقات مضروبة، وكانت استمرت الدائرة المفرغة من الانتقادات السوشيالية.
فى زمن السوشيال ميديا أصبح الجميع نقاد، والجميع يبدى رأيه ويفرضه، وصاحب أكبر الصفحات هو الذى يفرض آراءه، ولذلك نرى انتشار البوست الموحد، البوست المعبر عن وجه نظر صاحبها، وباقى الصفحات تبدأ في إعادة نشره، وحتى الكومنتات صاحب التعليق الأول هو من يفرض كلمته والباقى يمشى في نفس الإتجاه إلا من رحم ربي.
ونظريا المفروض أن اختلفت الأراء وتعدد وجهات النظر وتباينها في الكثير من الأمور ومجريات الأحداث، يساهم فى تصحيحالآراءالخاطئة، ومعالجة الأزمات المطروحة على الساحة، ولكن عمليا وفى واقعنا الرياضى دائما ما يحدث العكس، وتظهر نتائج مخيبة للآمال والطموحات، ويجب أن يدرك الجمهور دوره تجاه فريقه، وأن يدرك باقى أفراد المنظومة من لاعبين وجهاز فنى ومجلس إدارة كلا منهم وظيفته ومسئوليته تجاه فريقه، وكل واحد يؤدى دوره فقط، حتى نعود من جديد للريادة.