سرعة الاستجابة لشكاوى العملاء عنوان نجاح أي مؤسسة، والمسئول الذى يتبع سياسة الباب المفتوح ويتقبل الانتقادات بصدر رحب، يستحق أن يكون على رأس أحد الوزارات الهامة في الحكومة الحالية، التي تواصل العمل ليلاً ونهاراً في ظل ظروف شديدة الصعوبة، ومناخ اقتصادي معقد يضرب العالم كله، والحقيقة فكرت طويلاً قبل الكتابة عن وزير السياحة، أحمد عيسى، منذ إعلان اسمه في التشكيل الجديد للحكومة، لكني انتظرت حتى أرى أسلوب إدارته لهذا الملف المهم، وطريقة تفكيره لهذا القطاع في الفترة المقبلة.
علاقتي بوزير السياحة الجديد لا تتجاوزعدة اتصالات هاتفية قبل عامين تقريباً، ولم ألتقيه مرة واحدة، لكنه كان دائماً عند حسن الظن، يستمع جيداً لكل مشكلة، يطرح الحلول دون عراقيل، يسهل المهام بدلاً من تعقيدها، يقدم المصلحة العامة، ويجيد توظيف روح القانون، بديلاً عن الروتين والبيروقراطية، التي طالما عانينا منها منذ عقود طويلة، وبمجرد التواصل معه عن طريق رسالة صوتية أو مكتوبة يتحرك فوراً ويتابع بنفسه كل التفاصيل، من أجل الوصول إلى حلول جذرية ترفع من مستوى الخدمة وتيسر أمور الناس.
هاتفت وزير السياحة الجديد عندما كان مسئولاً عن قطاع التجزئة المصرفية بأحد أهم البنوك الخاصة في مصر، لأشكره على حل مشكلة إجرائية في هذا البنك، فكانت إجابته التي ما زلت أتذكرها "أنا بخدم أكل عيشي"، وقد صدرت منه هذه العبارة بمنتهى العفوية والتواضع لتدلل على أن ثقافة تطوير العمل وسماع الرأي والرأي الآخر، والاستجابة للشكاوى أحد أهم سمات هذا الرجل، الذى يستمع جيداً ويقدم حلولا وبدائل، ويعرف جيداً كيف يستمع لشكاوى الناس، ويتفاعل معها على الوجه الأمثل.
المتتبع لنشاط الوزير أحمد عيسى خلال الفترة الأخيرة، يجد أن الرجل طيلة الأسابيع الماضية يتابع الملفات والقضايا العالقة في قطاع السياحة، ويجتمع مع كافة المسئولين المعنيين في الوزارة، ليدرس الإمكانيات المتاحة، ويقدم رؤية شاملة تخدم هذا القطاع الاقتصادي المهم، الذى يتصور البعض أنه يرتبط فقط بالاكتشافات الأثرية الحديثة أو تطوير المتاحف وكل ما له علاقة بالآثار، في حين أن هذا القطاع اقتصادى بامتياز، والوزارة طيلة تاريخها كانت ضمن المجموعة الاقتصادية في الحكومة باعتبار السياحة أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري من العملات الصعبة، كما أن تاريخ وزراء السياحة يشير دائماً إلى أشخاص ليسوا علماء في الآثار أو متخصصين في اللغة المصرية القديمة، فقد كان هشام زعزوع، الوزير الأسبق، على سبيل المثال حاصل على بكالوريوس تجارة من جامعة عين شمس، وله خبرة عمل في مجال البنوك، ومن قبله منير فخري عبد النور، وهو سياسي وشخصية عامة، ورجل أعمال في قطاع الصناعات الغذائية، بل حتى ممدوح البلتاجي نفسه، أشهر وزير سياحة في مصر ، حاصل على ليسانس الحقوق، وله خبرات إدارية وسياسية، ولم يكن متخصصاً في الفندقة أو الآثار.
العمل في أي وزارة يحتاج إلى أشخاص على دراية وفهم بالإدارة في المقام الأول، وأتصور أن قطاع البنوك في مصر هو الأجدر على تخريج الكفاءات الإدارية الناجحة، لذلك أتمنى كل التوفيق لوزير السياحة الجديد في مهمته، وأتمنى أن يقدم نموذجاً متميزاً في الإدارة خلال الفترة المقبلة، كما عهدناه دائماً، ويتمكن من النهوض بهذا القطاع بالصورة التي نأملها، ويستطيع أن يخلق معادلة مختلفة تدعم اقتصاد البلاد في ظل الظروف الراهنة الصعبة التي يمر بها العالم.