دعوات وفتاوي هدم الأسرة

صراع دائر هنا وهناك ما بين دعوات محرضة على العصيان وأخرى متطرفة دينياً، وبين هذا وذاك تكمن مسببات تشتيت وتفكيك شمل الأسرة المصرية، وزرع الشقاق بين الزوج والزوجة، بما يحمل المجتمع تبعات سلبية جديدة لهذا الخلاف، لم نكن بحاجة إليه الآن، في ظل هذه الموجة المتصاعدة من حالات الطلاق. فبعد أن غرق المجتمع بالجدال حول تعدد الزوجات بمؤيديه ومعارضيه، بغض النظر عن صحة ما يختلفون حوله حسب الشرع والقانون، وما نشب من صراعات بين مؤيدي ومعارضي قوانين الأحوال الشخصية المطروحة لإنصاف الزوجة من بعض ما تتعرض له من ظلم، وبعد ما غرق به المجتمع من عنف قد أدى إلى القتل في بعض الأحيان بين الزوجين، وأيضاً الحبيبين حال ترك أحدهما الآخر. طلت علينا من جديد تلك المهاترات والمعارك التي انقسم بها المجتمع تجاه مسؤوليات وواجبات الزوجة وحقوقها وأجرها، وغيرها من التفاصيل التي كانت بزمن ليس بعيد متأصلة مستقرة، ولم تكن محل جدال أو نزاع. ولكن: كلاهما مخطئ مدان بحق هذا المجتمع الذي لم يعد يحتمل المزيد من المزايدات والتشتيت، فالأمر ببساطة لا يستدعي كل من هب ودب ليدلي بدلوه ويطلق شرائعه وتفسيراته ليتحداها الآخر بمعركة خاسرة. فالعدل والاعتدال هو جوهر الدين والشرع، والقهر والظلم لا يرضي الله ولا يصح أن يغفله القانون الذي يجب احترامه. فلم تكن الأسرة المصرية بحاجة إلى تحديد المهام والمسؤوليات التي يتم الاتفاق عليها بالتراضي بين الزوجين. وكما كنا نعلم أن الزوجة التي لا تعمل وتتفرغ لأسرتها وتربية أولادها، والزوج يعمل لتوفير المستلزمات المادية لأسرته، تقوم بواجباتها داخل منزلها قدر استطاعتها و دون إجبار أو قهر أو توبيخ من الزوج، وترضع أولادها وترعاهم دون انتظار الأجر إلا من المولي عز وجل، وإن ثقلت عليها أعباؤها، فلا مانع من بعض التعاون من الزوج ورب الأسرة. وإن كانت الزوجة تعمل وتشارك الزوج مادياً بمستلزمات الحياة، فلا جناح عليها إن لم تستطع تحمل كافة الأعباء مثل ما تتحملها من تتفرغ للأسرة و لا تتحمل عبئاً مادياً. وفي كل الأحوال: قد أمرنا الله بالمودة والرحمة، ولم يأمرنا بالتنافس والتحدي والعدواة التي تحث عليها تلك الآراء التي يطلقها جميع الأطراف. فكما ذكر المثل الشعبي المصري العتيق "كله بالخناق إلا الجواز بالاتفاق". وكما نص القانون أن "العقد شريعة المتعاقدين"، وبما أن الزواج عقد واتفاق لم تكتب بنوده وتوزع مهامة بين الزوجين بعقد الزواج، لكنها متفق عليها ضمناً بحكم التقليد المعتدل الذي اعتاده المجتمع، فعلي جميع الأطراف احترام هذا الاتفاق والوفاء بهذا الوعد الذي إن أخل به أحدهما بعد ذلك، حق عليه المراجعة و تحمل تبعات نقضه للعهد. نهاية: إن لم يعد هناك من يحترم الأعراف والتقاليد المعتدلة التي احترمها المجتمع بغض النظر عن الشرع و القانون لدرجة قد تودي باستقرار الأسرة المصرية، وتشتيت وإمراض المزيد من الأبناء الذين يحملون وزر هؤلاء الآباء و يورثونه بدورهم لأولادهم إن وجدوا، فلابد من وضع القوانين التي تنظم تلك العلاقات بين الزوجين وتحفظ حق كل منهما بما لا يناقض الشرع بجوهره السليم لا تفسيراته المتطرفة التي يتخذها من بنفسه غرض ذريعة للقهر والاستبداد. حفظ الله بلادنا ووقاها شر الفتن والابتلاءات.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;