عندما نقول إن مصر هى أم الدنيا، وأصل وجودها، سيتهمنا البعض بالمحبة الزائدة، لكن ما العمل إن كانت الحقائق التاريخية نفسها تؤكد أن المصريين القدماء كانوا على علم ووعى لا يحده شيء حتى أن تقويمهم للأيام والسنين الموثق يرجع إلى 6264 عاما.
سنوات طويلة مرت على حضارة لا تزال تبهر العالم إلى الآن، هذه السنوات هى دليل قاطع على عظمة هذا الإنسان الذى استطاع أن يدرك "سر" الزمن، وأن يقبض عليه ويسجله ويعرف أنه "متشابه" ومكرر تقريبا، وأن المختلف هى "الأحداث" التى يصنعها هو، وأعتقد أن الإنسان المصرى عندما فعل ذلك صار يملك فلسفة كبرى فى الحياة، وتيقن بأنه ما دام قادرا على ترويض الزمن فهو قادر على ترويض الحجر والوحش والأعداء.
وضع المصريون القدماء "التقويم" الذى لا يزال الفلاحون المصريون يتبعونه حتى الآن فى الزراعة منذ أكثر من 4200 سنة قبل الميلاد، وقبل عصر الأسرات وتكوين الدولة المصرية الموحدة، وفى ذلك الزمان البعيد، اعتمد المصريون القدماء على التقويم القمرى الفلكى، حيث ظهور النجم "سبدت" المعروف الآن بالشعرى اليمانية، وما يؤكد ذلك الخريطة الفلكية بمعبد الرمسيوم بالأقصر، وخريطة الأبراج "زودياك" المرسومة فى سقف مقبرة "سن-ن-موت"، وهو مستشار الملكة حتشبسوت بمعبد الأقصر.
عرف المصرى القديم تقسيم السنة إلى 3 فصول، كل فصل يحتوى على 4 شهور هم : فصل"آخت" ويعنى بالهيروغليفية أفق أو بزوغ الشمس، وفيه تتم تهيئة الأرض للزراعة والبذر، ويشمل 4 شهور هم: شهر"توت" نسبة للإله توت رب العلوم والفنون ومخترع الكتابة، ثم شهر "بابه" إلى حابى إله النيل، وشهر "هاتور" وينشق من "حتحور" البقرة المقدسة، وهى إله الجمال والخصب، وشهر "كيهك"، ثم فصل "برت" وهو فصل الإنبات، ويضم شهر"طوبة"، و"أمشير"، و“برمهات"، و "برمودة"، ثم فصل "شمو" وهو فصل الحصاد والجفاف، ويشمل "بشنس"، و"بؤونة" و"أبيب"، و "مسرى.
وأضاف المصريون شهرا صغيرا يسمى "أبد كوجي" ويتكون من 5 أيام فى السنة العادية، أو 6 أيام فى السنة الكبيسة، حيث عرف الفارق بين السنة البسيطة والكبيسة، كما تدل الساعة المائية المحفوظة فى المتحف المصري، والتى ترجع للملك أمنحتب الثالث، أن المصرى القديم قسم اليوم إلى 24 ساعة، 12 ساعة للنهار، و 12 ساعة لليل.