بداية لست من مؤيدى التظاهر فى 25 يناير، غير أنه نفاق فج ذلك الذى يقدمه من يقفون على رأس المؤسسات الدينية فى مصر، باستغلالهم الدين فى تحريم دعوات التظاهر.
معالى الدكتور الوزير المبجل محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، يؤكد حرمة الدعوات للتظاهر فى 25 يناير الجارى.. ليس هذا فقط بل يصف من يشارك فى هذه التظاهرات بالعملاء والخونة وأنهم يرتكبون جريمة محرمة شرعا، وأنها توريط للمصريين فى العنف والإرهاب لصالح الأعداء.
ويحاول أن يدلس على المواطنين فيصم هذه المظاهرات التى لا يعرف أحد حتى الآن ماهيتها بأنها إفساد فى الأرض، وبالتالى فهو يحكم على قيام البعض بالتظاهر بأنه تخريب لمرافق الدولة العامة وإفساد فى الأرض، مطالبا بالاصطفاف والوحدة لمواجهة التنظيمات الإرهابية، على حد قوله.
غير أن تصريحات الوزير، كارثية ومجافية للواقع والحقيقة من عدة نواح، فهى أولا مخالفة للدستور الذى ينص فى مادته 73 على أنه "للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أى نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه".
هذا أولا.. ثانيا خالف معالى وزير الأوقاف القسم الجمهورى الذى أداه أمام الرئيس، حيث أقسم قائلا: أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه"، وتصريحاته بتحريم التظاهر السلمى مخالفة للدستور ولما عاهد عليه الله.. ولما عاهد الرئيس والناس عليه.
ثالثا يتناسى معالى وزير الأوقاف أنه لولا التظاهر السلمى لما قامت ثورة 30 يونيو، فهل كان التظاهر فى 30 يونيو واجب شرعى، والتظاهر فى أى يوم آخر حرام.. اتقى الله يا يامولانا.. أم أنه النفاق يادكتور.
أما من الناحية الشرعية والدينية، فتذكرنى فتاوى وزير الأوقاف بفتاوى هؤلاء المتلونين الذين يأكلون على كل الموائد، ويتقلبون مع كل الأنظمة.. يذكرنى بفتاوى السلفيين التى تحرم الخروج على الحاكم.. الحقيقة أنه لا فارق بينك وبين ياسر برهامى ومحمد حسان ومحمد حسنين يعقوب ووجدى غنيم.. لا فارق بينك وبين هؤلاء الذين تحاربهم وتواجههم وتدعى أنك تجدد الخطاب الدينى من خطاياهم.. وأنت وهم سواء.. تسبحون بحمد الحاكم –مهما كان- وسلطانه وجاهه، والدين منكم براء.
وأذكرك ياوزير الأوقاف بفتوى أصدرها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بتاريخ 19 يوليو 2013، ترد على هؤلاء الذين يحرمون التظاهر السلمى، حيث يقول إن الخروج في مظاهرات سلمية ضد ولى الأمر الشرعي جائز شرعًا ولا علاقة له بالإيمان والكفر، كما أكد أن الخروج المسلح معصية كبيرة، إلا أن الخلفاء الراشدين لم يكفروا من قاموا بالخروج المسلح ضدهم ولم يخرجوهم من الإسلام.
"وقال بيان للأزهر : أصدر الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بيانًا اليوم الاربعاء أكد فيه أن من يكفرون الخروج في مظاهرات سليمة ضد ولي الأمر الشرعي هم فرق منحرفة عن صحيح الإسلام، ويُوضِّح الأزهرُ بهذا الشأن عِدَّة أحكامٍ شرعية:
أولاً: أن هذا هو رأي الفِرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام، وهو كلامٌ يرفُضُه صحيحُ الدِّينِ ويأباه المسلمون جميعًا، ويُجْمِعُ فقهاءَ أهلِ السُّنَّة والجماعة على انحرافه وضلاله.
ثانيًا: رغم أن الذين خرجوا على الإمام عليٍّ- رضي الله عنه - قاتلوهُ واتهمُوهُ بالكُفر، إلَّا أنَّ الإمام عليًا وفقهاء الصحابة لم يُكَفِّرُوا هؤلاء الخارجين على الإمام بالعُنْف والسِّلاحِ، ولم يعتبروهُم مِن أهل الرِدَّة الخارجين من المِلَّة، وأقصى ما قالوه: إنهم عُصاةٌ وبُغاةٌ تَجِبُ مقاومتهم بسبب استخدامهم للسِّلاح، وليس بسبب معارضتهم.
ويؤكد الأزهر أنَّ المعارضةَ السِّلميَّة لوليّ الأمر الشرعيّ جائزةٌ ومُباحة شرعًا، ولا علاقَةَ لها بالإيمان والكُفرِ، وأن العُنْف والخروج المُسلَّحَ مَعصِيةٌ كبيرةٌ ارتكبها الخوارِجُ ضِدَّ الخُلفاء الراشدين ولكنَّهم لم يَكفُروا ولم يخرجوا من الإسلام.
هذا هو الحُكمُ الشرعيُّ الذي يُجمع عليه أهل السُنَّة والجماعة..والأزهرُ الشريفُ إذ يدعو إلى الوِفاق ويُحذِّرُ من العُنف والفِتنَة، يُحذِّرُ أيضًا من تكفير الخصوم واتهامِهِم في دِينِهِم..اللهم إنا نسألك رحمةً تهدي بها قلوبنا، وتَجمع بها شملَنا، وتَردُّ بها الفِتَن عنَّا".
أما تصريحات مستشارك الشيخ صبرى عبادة، أنه إذا وافق ولى الأمر على التظاهر فهذه ليست مخالفة شرعية.. فأقول له "ياشيخ صبرى.. الدستور ينص على حق التظاهر السلمى.. الدستور يقسم ولى الالدستور هو ولى أمرك فى هذا البلد.. ياذكى".
وفى النهاية أقول.. لعن الله السياسة ياشيخ.. لعن الله المناصب، ولعن الله السلطة التى أفسدت علينا علماء أجلاء مثل الدكتور على جمعة والدكتور يوسف القرضاوى.