أصبحت الحروب فى عصرنا الحديث مختلفة تماما عما كانت فى السابق، ولم يصبح خافيا على أحد ما نُواجهه من حروب تعتمد على التقنيات والتكنولوجيا الحديثة وما وفره الفضاء الإلكترونى من ساحة جديدة للحروب تتنامى فيها حروب الجيلين الرابع والخامس، والتى حذر منها الرئيس السيسى فى عدة مناسبات مُحذرًا من مخاطرها وما تمثله من تهديدات على مصر وشعبها، وفى حفل الخريجين الجدد من الكليات العسكرية فى أكتوبر من العام الماضى، شدد الرئيس على أهمية الوعى والفهم الحقيقى لمجابهة الحروب الجديدة التى أصبحت لا تعتمد على الأسلحة التقليدية.
لقد بات العالم الافتراضى ساحة واسعة يتم فيها تداول المعلومات فى اتجاهات ومسارات مختلفة دون رقيب أو حسيب حتى أصبح بيئة خصبة لانتشار الشائعات والمعلومات المُضللة التى من شأنها التأثير على الرأى العام وتوجيهه إلى المسار المُراد من قبل مُطلقى تلك المعلومات والبيانات، وهو ما يتسبب فى إفشال الدول وإثارة مشاعر الغضب والكراهية وتعزيز هذه المشاعر إلى حد يُمكن أن يصل إلى الفتن والحروب الأهلية وزعزعة الاستقرار الاجتماعى.
إن حروب الجيلين تعتمد بشكل محورى على الحرب النفسية وهو نوع من الحروب أصبح أيسر كثيرًا مع انتشار وسائل الإعلام الحديثة عما كان فى زمن التقليدى فقط، ولعل أحداث 11 سبتمبر كانت نموذجًا أوليًا يكشف عما يُمكن لوسائل الإعلام أن تقوم به من توجيه للرأى العام، ثم جاءت أحداث «الربيع العربى» لتؤكد على قوة هذا السلاح الجديد. من هنا بدأت مهمة القائمين على ملف الإعلام فى التنامى فهم جنود فى ساحة معركة فرضها علينا العصر الرقمى وما نشهده من تطور تكنولوجى هائل يومًا بعد يوم.
جهود كثيرة قامت بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية منذ أن تولت مسؤولية هذا الملف، فقد بدأت بتطوير البنية التحتية الإعلامية وهو أمر بالغ الأهمية، لأن ما كان لم يكن على قدر الكفاءة التى تستلزمها ساحة المعركة الحديثة، إلى جانب الاهتمام بتنمية المحاور الفنية والدرامية والثقافية، وهى محاور رئيسية لها دور كبير فى بناء الوعى الفردى والجمعى من خلال دعم القيم والمبادئ والهوية الوطنية التى يجب أن تترسخ فى وجدان كل المصريين بمختلف الأجيال، ثم انتقلت «المتحدة» إلى مرحلة جديدة لمواكبة التطور الهائل الذى تشهده قطاعات الأخبار فى العالم وليس الشرق الأوسط فقط، وأخيرًا بدأت مهمة جديدة فى التصدى للشائعات والزيف من خلال تكليف قطاع الأخبار بالشركة بإذاعة نشرات متخصصة عبر إكسترا نيوز وكل منصاتها للرد على الشائعات والأكاذيب التى تستهدف المجتمع المصرى، وهنا تكمُن أهمية هذه الخطوة فى كونها تُقدم المعلومات الصحيحة والغائبة عبر روافد الشركة على الفضاء الإلكترونى مما يُساهم فى تشكيل وبناء الوعى بشكل سليم، وهو ما يجعل خطوات «المتحدة» كحائط صد منيع يذكرنا بخط بارليف فى الألفية السابقة.