تأثيرات تغير المناخ باتت تمثل أعباءً كبيرة على كل الدول الأفريقية الفقيرة، والتي تعاني بشدة من أزمات مدقعة خاصة فيما يتعلق بتوفير الغذاء، نتيجة اضطرابات الطقس المتطرف، لاسيما في دول مثل، الصومال وجيبوتي والنيجر وكينيا وبوركينا فاسو ومدغشقر وزيمبابوي، كما طالت دولًا خارج القارة السمراء، كأفغانستان وهايتي وجواتيمالا، وغيرها من البلاد الأخرى التي حظيت بأكبر نداءات للأمم المتحدة، من أجل توفير مساعدات عاجلة لمواجهة أزماتها الداخلية وإنقاذ شعوبها من الهلاك.
مما لا شك فيه، إن من أسباب حدوث المجاعات في الدول الفقيرة، ناتجة في الأساس عن الطقس القاسي، الذي يخلف العديد من الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والأعاصير، إضافة إلى الجفاف والتصحر في مناطق أخرى، ولم يعد خافيًا على أحد أن تلك الكوارث المخيفة ازدادت بشكل مضاعف خلال السنوات الماضية حتى تحولت إلى أكثر فتكا، وباتت في أمس الحاجة إلى وضع بذور لحلول عاجلة كي يتم مواجهتها ولإنقاذ الكوكب مستقبلا.
العالم ينتظره فرصة ذهبية في مؤتمر المناخ COP 27 والمزمع عقده على أرض مصر بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، لاسيما وأن الدول الغنية المسببة للتلوث والأكثر إطلاقًا للانبعاثات الخطيرة، يتعين عليها الوفاء بوعودها التي نادت بها القيادة المصرية مرارًا وتكرارًا في كل المحافل الدولية، لتخفيض نسب الانبعاثات الكربونية، ومساعدة الدول منخفضة الدخل في مواجهة حدة التغيرات المناخية القاسية.
بالتأكيد، إن الاستجابة لتلبية نداءات الأمم المتحدة ومطالبها بضخ أموال ومساعدات للدول الفقيرة، بمثابة قبلة حياة لها، خاصة في دعم إجراءاتها الخاصة بالتكيف وتخفيف آلام خسائرها مع ما هو قادم في ظل قسوة هذه التغيرات المناخية الخطيرة، الناتجة عن زيادة نسب الاحتباس الحراري العالمي، وربما هناك نقطة يغفل عنها الكثير وتتطلب وقفة قوية في مؤتمر شرم الشيخ، وهي التوقعات بزيادة الانبعاثات الخطيرة في الشتاء المقبل في ظل تعنت روسيا بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا، وهو ما قد يدفع دول القارة العجوز إلى الإفراط في زيادة استخدامها للوقود الأحفوري لتلبية احتياجات شعوبها من الطاقة.
ارتفاع أسعار الغاز في أعقاب الحرب الأوكرانية، والاضطرابات الجيوسياسية الناتجة عن ذات الأزمة، يعود بالنفع على شركات الوقود الأحفوري التي تجني أرباحا طائلة من وراء توفير بدائل للطاقة الغازية، لكن لا يغفل على أحدًا أن هذا كله يدفع كوكب الأرض إلى الهلاك بشكل أسرع مع تسارع وتيرة الاحتباس الحراري، وقد أشارت بعض التقارير العالمية إلى احتمالية زيادة المجاعات في بعض الدول الأفريقية، لاسيما في الصومال التي تعتبر على حافة مجاعة في ظل موجة الجفاف التاريخية وغير المسبوقة التي تعاني منها، إضافة إلى تعرض أكثر من 3.4 مليون شخص للجوع الشديد في بوركينا فاسو، نتيجة تصحر الأراضي الزراعية والمراعي، وكينيا التي تعاني من نفوق رؤوس الماشية، والنيجر ومعاناتها الشديدة مع نقص إنتاج الحبوب، وغيرها من الدول الأخرى التي تصرخ من معاناة التغيرات المناخية.
إن التغيرات المناخية قد تكون أسوأ ما يواجه الإنسان على هذا الكوكب، كونها تؤثر على كافة مناحي الحياة، ولعل أهمها هو مصدر الإنسان في الغذاء، فبدون الغذاء لن يكون هناك حياة، فتكاتف الجميع لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة في مؤتمر شرم الشيخ، هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ البشر وكوكبهم من شر قد بات قريبا للغاية.