فيلم " البيه البواب " أحد أشهر وأنجح الأفلام المصرية ، وهو أيضا أحد أشهر وأنجح أفلام عبقري السينما المصرية أحمد زكي ، هذا الفيلم عرض في البداية على النجم الكبير عادل إمام وبعد أن رفضه عُرض على الفنان أحمد زكي الذي ما أن ألقى نظرة على سيناريو الفيلم حتى أطاح به وألقاه أرضا قائلا أنا لا أمثل فضلة أحد !
هذه القصة رواها الماكيير الشهير الفنان محمد عشوب ، الذي كان أحد أطراف هذه القصة لأنه بعد رفض عادل إمام للدور هو من اقترحه على أحمد زكي ، وهو الذي لملم أوراق السيناريو وراح يقنعه بقراءته ، وساعدته على ذلك النجمة الكبيرة ميرڤت أمين ، التي أقنعته قائلة أنها قبلت بطولة أفلام رفضتها نجلاء فتحي ، ولم يقلل هذا من مكانتها ، هدأ أحمد زكي وقرأ السيناريو لكنه لم يعجبه ، واقترح عليه عشوب أن يعيد كتابته الكاتب الكبير على سالم .
عندما عرض سيناريو الفيلم على الكاتب على سالم كان تعليقه غريبا ، قال هذا السيناريو كتبه أستاذي الكبير يوسف جوهر ، ولا أقبل حتى أن يوضع اسمي بجانب اسمه أو حتى تحته ، لهذا سأعيد كتابة السيناريو على ألا يكتب اسمي على مقدمة الفيلم ، وتفرغ تماما لكتابته حتى خرج لنا بالشكل الذي رأيناه جميعا واستمتعنا به ، وضحى بكتابة اسمه على الفيلم !
هذه الرواية التي شهد بها الماكيير محمد عشوب ، هي نموذج دال على أخلاق علي سالم، وهي جزء من إعادة الاعتبار لرجل تعرض لحملة شرسة على مدى سنوات طويلة وهو يواجهها بشجاعة كبيرة ، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا مع مواقفه وقناعاته .
أتذكر الأستاذ على سالم وقد كنت أخطو خطواتي الأولى في بلاط صاحبة الجلالة ، وكان يزورنا بشكل دائم في مجلة أكتوبر ، كان طويل القامة جهوري الصوت خفيف الظل حكاء موهوب ، يروي حكايته بكل خلجات وجهه وحركات يديه وجسده ، فيلسوفا ساخرا ، رفيع الثقافة ، وعندما يقرأ علينا نصا من نصوصه كان يمثلها بصوته وهو يقرأ ، وكنت وزملائي ننظر إليه بانبهار شديد وننجذب لحكايته وفلسفته للأمور بكثير من الإعجاب والدهشة .
على الرغم من أن على سالم هو صاحب قصة فيلم " أغنية على الممر " ، وهو فيلم من أحد روائع السينما المصرية التي سجلت بطولات الجيش المصري رغم هزيمته في ٥ يونيو ١٩٦٧، إلا انه قرر أن ينضم إلى معسكر السلام الذي يؤيد التطبيع مع إسرائيل ، وكان يرى أن للمثقفين دور مهم يمكن أن يساهم في حل القضية الفلسطينية ، وكان يعتقد أن الحوار يمكن أن يحقق ما لم تحققه الحروب .
تعرض على إثر موقفه هذا لحملة ضاريه ، لم يشفع له فيها تاريخه الإبداعي ولا وطنيته ولا حبه لبلده ، ولم يفصل فيها خصومه بين حرية الرأي والإساءة لشخصه ، فكانت تلك الحملة التي ظل يواجهها دون أي تردد أو تراجع حتى آخر يوم في حياته .
بعد عدة أيام وتحديدا يوم الثاني والعشرين من هذا الشهر تحل الذكرى السابعة لوفاة الكاتب الكبير على سالم ، وقد تغيرت الكثير من المواقف ، التي ربما يكون هو قد تنبأ بها ، فهل يراجع خصومه أنفسهم ؟ وهل نعيد للرجل اعتباره بعد هذه السنوات ؟