بعض الأشخاص يحتفظون بأسرار عديدة، ومساحات خاصة لا يفضلون أن يبوحوا بها لأحد، بينما على الشاطئ الآخر، يقف آخرون يفضلون "الفضفضة" وإذاعة أسرارهم من قلة صبرهم وضيق صدرهم، اعتقادًا منهم بأن هذا الأمر مريح نفسيا، ولكن أحيانا ينتهي بكارثة، فربما يبوح الأصدقاء بأسرارهم لآخرين ويتسبب ذلك في مشاكل عديدة، فتذهب نفسنا عليهم حسرات؟!
الواقع، يؤكد أن صدرك أوسع لسرك، وكلما كثر خزان الأسرار ازدادت ضياعًا، ودبت الخلافات ووقعت المشاكل، وندمنا على ما أفصحنا به لغيرنا، في وقتا فات فيه الندم.
"سرك في بير"، جملة قالها كثيرون من الأشخاص لأصدقائهم، وهم يستمعون لـ"فضفضتهم"، في مجالس السمر، وما أن تحركوا منها، تحركت معهم هذه الأسرار لمسامع الآخرين، ففضحوا أمرهم، وأذاعوا سرهم.
كنت أستغرب هؤلاء الأشخاص، الذين خارت قواهم، وأباحوا سرهم لغيرهم، وهم يتحدثون إلينا ـ بعد وقوع الجرائم ـ عن صديق ظنوه وفيًا، فأذاع سرهم، فتسبب ذلك في سرقتهم، أو تعرضهم لمكروه.
أحدثك هنا عن حوادث القتل والسرقة، التي يتعرض لها الأشخاص، إذا فتشت في تفاصيلها، تجد أن "سرًا"، وراء ارتكاب الجريمة، فهذا شخص تحدث لصديقه عن امتلاكه للأموال، ولا يعلم أنه يعاني ضيق الحال، فعاد وسرقه، وهذا آخر تحدث مع صديقه عن رحلته لإحدى المحافظات لجلب الأموال من زبائنه، فاعترض طريقة وقتله لسرقته، وهذا ثالث تحدث عن أمور شخصية بينه وزوجته، فاستغلها آخر وراودها عن نفسها، والأمثلة كثيرة لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل من كثرتها.
الخلاصة، احتفظوا بمساحاتكم الشخصية لأنفسكم، لا تقحموا غيركم فيها، ولا تتحدثون لأحد عنها، فإن النفوس البشرية تتغير وتتبدل، فلن يكون سرك دائما "في بير"، فأحيانا تجده على قارعة الطريق.