لعل الداعي لذلك الحديث، هو حجم الخواء و الفراغ الذى يحيط بالكثيرين ممن حولنا، ممن تركوا القراءة والتثقيف للجلوس بالساعات على السوشيال ميديا، دون هدف واضح، ودون نتيجة مفيدة للشخص ومن حوله، و هذا أمر قد يكون مقبولا في أوساط العامة، لكنه مؤشر خطير للغاية إذا سيطر ذلك التوجه على الفاعلين في المشهد العام، وهؤلاء الفاعلين قد يتواجدون في أي مسار، وقد يكون ذلك المسار مؤثرا فيمن حولهم، أو في مستقبل قطاعات بأكملها، وتلك القطاعات تؤثر في مستقبل أمم وفي أحوال شعوب.
و الخوف كل الخوف أن تمر الأيام دون أن نستوعب قيمة ما نهدره من وقت و مجهود و مساحة لا نملأها بالخبرة والتطوير و التثقيف، و نترك تلك المساحة تحت مزاعم ستكتشف مع الوقت أنها مزاعم واهية، و ربما يكون التحجج بصراع الحياة بدافع التفكير في تدافع الأيام أي أن يوما يطرد يوما يسبقه، لكن تدافع الأيام لن يرحمك أيضا مع تقدم العمر و غياب الثقافة والطاقة للاستيعاب، وكذلك المحاولات اليائسة لصناعة خبرة ذائفة، والخبرة الذائفة تلك التى يظن الشخص أنه قد اكتسبها بالأقدمية أو تقدم العمر، وكل ذلك سيتكشف في وقت من الأوقات.
لذلك فالدعوة عامة و موجهة لجميع الفاعلين في المشهد العام، خير لك و لمن حولك و لأسرتك ومستقبلك أن تطور أدواتك فنيا، و أن تصنع وقتا للقراءة و التثقيف، والقراءة هنا ليست مقصودة بثقافة الروايات و الجرائد و الأفلام الأجنبية، لكن ثقافة القراءة في التاريخ و السير الذاتية و علوم تخصصك، و ما يحدث في العالم في مجال عملك، لأن التنافس صعب للغاية، و في كل مساحة لا تطور فيها نفسك ستجد آخر يأخذها بالضرورة، وقد تظهر الفرصة الجديدة دون أن تدركها بين بداية المقال و نهايته.