لا يمكن أن تنقل النخب ما يدور فى أذهان الناس وخواطرهم دون أن تخوض معهم آيَاتِهم، فإذا نجحت النخب التى فى مسماها كل من هم على مقربة من الدولة فى الاستبيان والتحليل ثم النقل والتوضيح نجح الحوار الوطنى واكتمل عقده، فلا كاتب رواية يستطيع أن يستكمل عوالمه دون أن يرسم شخصيات روايته من الحارة أو الشارع أو القرية ثم يضفى عليها صبغته الروائية.
ويوم أن أعلن الرئيس السيسى فى حفل إفطار الأسرة المصرية رمضان الفائت دعوته للحوار الوطنى، جمعتنى ليلتها مكالمات هاتفية وأحاديث مطولة مع شخصيات كانت على مائدة الإفطار وأساتذة في الإعلام والعلوم السياسية استقبلوا دعوة الرئيس بحفاوة بالغة، واستكملنا الحديث عن مكونات هذا الحوار وآلياته وخطوات تنفيذه، فقطار الحوار الوطنى كان عليه أن يجوب محافظات الجمهورية ويستمع للآراء من أقصاها إلى أقصاها وبالفعل حدث ما كنت أتمناه بدعوة مجلس أمناء الحوار الوطنى بتوسيع قاعدة الحوار والمشاركة المجتمعية، فمسار الحوار الوطنى يسير بخطى ثابتة قد تستغرق وقتًا لكن الأهم هو مخرجاته.. ماذا فعلنا.. وهل نجحنا؟.
وخلاصة القول.. فإن للحوار الوطنى ثلاثة محاور" سياسى ـ اقتصادى ـ اجتماعى"، فلا محور فيها يستطيع أن يستكمل مخرجاته النهائية دون استطلاع رأى الشارع وقياس المزاج العام، فمن يستطيع الحديث عن غلاء الأسعار والزراعة والأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية كأحد مفردات المحور الاقتصادى غير العمال والفلاحين وأصحاب المهن والصناعات ومن على دراية بالشباب غير الشباب، فالكثير رأى وتحدث منذ الوهلة الأولى عن أهمية الملفين الاقتصادي والسياسي.. لكن عبقرية الحوار الوطنى تكمن هنا "المحور الاجتماعى" هو الوحيد القادر على استعادة الهوية وبناء الإنسان ومد جسور التواصل بين الدولة والنخب والمواطن.