مؤكد أن الحوار الوطنى بمثابة بداية حقيقية لانفراجة ديمقراطية وسياسية ومجتمعية، تساعد على تحديد أولويات العمل الوطني، وتُدشن لجمهورية جديدة تقبل وتتسع الجميع، وهذا ظهر جليا في طريقة تشكيل اللجان ووضع المحاور الرئيسية للحوار، وفى اعتقادى أن المحور المجتمعى هو أهم المحاور في ظل الإيمان بمبدأ الأولويات في المرحلة الراهنة التي تعج بكثير من التحديات جراء أزمات عالمية تعصف عصفا بمستويات الحياة بكوكبنا على كافة الأصعدة، حيث الاضطرابات السياسية والأزمات لاقتصادية والتهديدات المناخية.
لذا، فإن أود أن يكون هناك اهتماما بأراء النقابات المهنية ومشاركتها في الحوار باعتبارها تعبر عن قطاع كبير من القوى المثقفة من الطبقة المتوسطة الفعالة في المجتمع، فلك أن تتخيل مدى أهمية الوصول لحلول تعمل على تحسين منظومة الصحة في مصر في ظل تنامى عجز الأطباء وتنامى ظاهرة هجرة الأطباء، وكذلك مدى أهمية حل ملف الأخطاء الطبية بأسلوب عملى وجاد بعيدا عن قوانين لا تراعى طبيعة العمل الطبي.
وبما أن التعليم هو بمثابة اللبنة الأساسية للسلام الاجتماعى، وهنا الأمر يتطلب ضرورة التفاعل والتناقش وتبادل الرؤى بشأن مجابهة الظواهر الغير حميدة التي تنخر في المنظومة التعليمية على رأسها ظاهرة الدروس الخصوصية، وتحسين مستوى المعلمين المعيشى والحياتى من خلال عودة الطالب إلى المدرسة واسترداد المعلم لهيبته وتعزيز الثقة من جديد لأولياء الأمور في استيعاب خطوات ومراحل التطوير، خاصة أن التعليم يعد حجر الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات المستنيرة والمتسامِحة والمحرك الرئيسى للتنمية المستدامة.
والأمر الأخر المهم يخص المواطن العادى والعمال، والبداية في رأى تبدأ من تحقيق الأمان الوظيفى للعاملين خاصة في القطاع الخاص، وذلك بالنظر في مشروع قانون العمل الجديد، ووضع عددا من الملاحظات عين الاعتبار أهمها العلاوة الدورية، والفصل التعسفي، وطول مدة تثبيت العامل بعد 4 سنوات، مع إيجاد حل لتحويل العمالة غير المنتظمة من الاقتصاد غير الرسمي إلى الرسمي.
وفى اعتقادى أيضا أن لا تغيب في مرحلة الأولويات مناقشة وإيجاد آليات محددة لحماية المنظومة القيمية والأخلاقية في المجتمع المصرى في ظل الانفتاح وحروب الجيل الرابع، فبعودة القيم والثوابت الأخلاقية ستحل مشكلات كثيرة في كافة المجالات في التعليم حيث توقير واحترام المعلم، وفى الصحة حيث مرعاة الجانب الإنسانية، وفى الاقتصاد حيث السماحة والقناعة، وفى السياسة حيث الوطنية وإعلاء الصالح العام.
وختاما.. لدينا تفاؤل كبير بمخرجات الحوار الوطني خاصة أن الدولة هي من بادرت ودعت إليه ما يؤكد وجود نوايا طيبة.. حفظ الله مصر وحفظ شعبها..