ملف المدارس الخاصة واحد من التحديات الكبيرة أمام الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، خاصة في ظل فلسفة هذه المدارس، التي تعتمد بصورة مباشرة على جمع أكبر قدر من الأموال، واستنزاف جيوب أولياء الأمور، سواء من خلال المصروفات الدراسية المعلنة، التي يتم الموافقة عليها من جانب وزارة التعليم، أو الخفية من خلال الأنشطة والباص والمجموعات المدرسية والزي، وأخيراً الملازم التي صارت بديلاً للكتاب المدرسي.
وزارة التربية والتعليم تسعي منذ أكثر من 7 سنوات لإصلاح شامل وتغيير جذري للمدارس، بداية من مرحلة رياض الأطفال، حتى الثانوية العامة، وقد وصلت عملية الإصلاح هذا العام إلى مناهج الصف الخامس الابتدائي، التي تعتبر حديثة ومتطورة بنسبة 100%، وتعتمد على التعلم النشط، وتنمية المهارات، وتتجاوز فلسفة الحفظ والتلقين إلى التعليم التفاعلي الإلكتروني، لكن على الرغم من ذلك مازالت بعض المدارس الخاصة تتجاوز كل ماسبق، وتبدأ في إعداد ملازم مدرسية للنشاط المنزلي أو النشاط داخل الفصل بديلاً عن الكتاب المدرسي، الذي غالباً ما يتم إهماله أو تجاهله.
الملازم المدرسية أسعارها فاقت الحدود المعقولة بعد ارتفاع أسعار الورق، والأحبار، حتى بات التلميذ في مرحلة رياض الأطفال أو الصفوف الأولي يحتاج ملازم بقيمة 250 جنيها في الترم الواحد، بالإضافة إلى أسعار الكتب التي يتم تسديدها ضمن المصروفات الدراسية بأسعار تجارية، تزيد ربما 5 أضعاف عن سعر التكلفة الحقيقي، وهذا يفتح باب كبير للتساؤل حول الرقابة على هذه المدارس وجدوى التعليمات التي تصدر من وزارة التربية والتعليم بخصوصها.
الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، أصدر قراراً بعدم ربط تسليم الكتب الدراسية بدفع المصروفات، باعتبار الكتاب المدرسي حق للطالب، والتعليم مجاني بنصوص الدستور المصري، ولا يمكن أن تكون الظروف الاقتصادية والاجتماعية للطالب حائلاً دون التعلم، أو عائقاً لحرمانة من حقه في التعليم والمساواة مع أقرانه، وهذا قرار يستحق كل الدعم والإشادة، ويؤشر إلى بعد إنساني مهم، وحرص من جانب الوزير الجديد على حق الطالب في التعلم، ويراعي ظروف الأسرة المصرية، التي نعرف جميعاً أوضاعها الاقتصادية، في ظل الأزمات العالمية التي ضربت الاقتصاد ورفعت الأسعار.
رغم قرار وزير التربية والتعليم بعد ربط دفع المصروفات الدراسية بتسليم الكتب إلا أن المدارس الخاصة لا تلتزم بهذه الإجراءات، وترسل منشوراتها لأولياء الأمور عبر جروبات الواتس آب، تحذر من عدم دفع المصروفات، وتؤكد أن المتخلفين عن الدفع لن يحصلوا على الكتب المدرسية، وهذا إجراء يمثل مخالفة صريحة لقرار وزير التربية والتعليم، ويؤكد أن هذه المدارس لا تستهدف إلا الربح وجمع الأموال، وتسليع التعليم، الذي يعتبر أسمى رسالة وبدونه لن يتحرك المجتمع خطوة واحدة للأمام، لذلك على وزير التربية والتعليم أن يتخذ قرارات جادة لضبط الإيقاع في المدارس الخاصة، ووضع حدود لظاهرة استغلال الطلاب وأولياء الأمور.