مسائل في العمل الخيري.. ما بين النية الحسنة و فرضية العدم (1)

في بروتاغوراس ، اعتقد أفلاطون أن الجهل هو أصل كل الشرور، وفي العلوم الاجتماعية اليوم نسمع دائمًا عن "مصيدة الفقر"، وهي دائرة مغلقة محكمة على الإنسان، يستحيل عليه الخروج منها بمفرده، وفي أبسط صورها تنشأ المصيدة بنشأة الطفل في أسرة فقيرة، فلا يحظى بغذاء مناسب يساعده على النمو السليم عقليًا وجسديًا، و لا يحظى بأفضل فرصة تعليمية موجودة، وإن حظي بتعليم جيد فلا يستفيد منه الاستفادة المثلى، فتقل تنافسيته في سوق العمل ليكون نواة لأسرة أيضا في حالة فقر، أي إنه إرث ثقيل الظل، ليس للإنسان ذنب فيه، وهو في رأيي "الفقر" أصل كل الشرور. ماذا نستنتج؟ إن الفقر ليس خطأ الإنسان، ولا هو خطأ الظروف، و لا هو الآن أشد من قبل، ولا هو ظرف عارض يزول بزوال مؤثرات ما خارجية، بل هو سنة كونية، وجزء لا يتجزأ من تصميم الدنيا، ومن تجربة حياة الانسان علي الارض، بغض النظر تماما عن الزمان و عن المكان. و ماذا نستنتج أيضا ؟ أن المسؤولية الآن تقع على عاتق التنمويين، ان نعي أننا نعمل في مجال له أصول ثابتة، وأن نظل على حافة الابتكار والإبداع فيما يخص مجالنا المتخصص و الدقيق لأن ببساطة شديدة إن كان من الممكن لأي إنسان مساعدة من يبدو عليهم الاحتياج بالاموال و فوائض الأغذية أو الملابس، فلماذا يحتاج العالم إلى مؤسسة وهياكل إدارية وأنظمة معقدة في العمل الخيري؟ ماذا تقدم الكيانات الخيرية ما لا يستطيع الفرد الحر أن يقدمه منفردا ؟ والإجابة هي التخصص في خدمة الإنسان، و الاستناد على الأدلة العلمية الصارمة بالإضافة إلى النية الصادقة. و لذلك فالمظلة العامة الحاكمة للعمل الخيري المؤسسي ستظل دائما أن النوايا الطيبة أساسية و لكنها لا تكفي، بل يكملها العلم و العمل و الاجتهاد والإبداع في الإحسان. و كلما ذكرنا الإبداع و هو توليد الأفكار فيجب أن نذكر الابتكار و هو تطبيق تلك الأفكار، و يجب أيضا أن نسعى لترسيخ الفارق الكبير ما بين الابتكار و الاختراع، حيث ان في أحيان كثيرة يتم خلط المفاهيم، الاختراع الآن لم يعد له إلا مجال محدود جدا في التقدم البشري، و لكن يظل الابتكار، وهو إعادة التطويع عبر السياقات و الأزمنة وهو المحرك الأساسي لما نراه كل يوم من نمو. و عبر هذه السلسلة من المقالات سنحاول أن نرد سويا العمل الخيري إلى جذوره الثابتة علميا وإنسانيا، عن طريق شرح بعض المفاهيم، وتذكر بعض المحطات الفارقة في تاريخ العمل الخيري، لعلنا جميعا نستطيع التفكير بشكل أكثر كفاءة خارج الصندوق، بعض تسليط الضوء على ما هو بداخله بالفعل. و دمتم خيرين. - الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;