49 عاما مرت على نصر أكتوبر العظيم، ومازالت ملحمة العبور، واسترداد الأرض، قصة ترويها الأجيال بكل فخر وعزة، قصة إرادة، لشعب أبى وجيش باسل، تحديا كافة الظروف، ودحرا كل المعوقات، ليتحقق نصر غير من النظريات العسكرية، ونال احترام العالم، ورفع راية العزة على الأرض الطيبة، وأصبح 6 أكتوبر يوما محفورا فى تاريخ الأمة، ورمزا للشموخ والكبرياء والبطولة.
العبقرية العسكرية والسياسية لمصر فى حرب أكتوبر كانت محل دهشة وانبهار من العالم أجمع، ومازالت،، فقبل الحرب، كانت كافة المعطيات التى سبقت الحرب تؤدى إلى نتائج افتراضية سلبية، الساحة مهيأة لترسيخ ماتم ترسيمه على الأرض، مصر منهكة من حرب جُرت إليها جرا بمؤامرة دولية واستفزازات متعمدة، وقوى دولية تواصل عملها فى إضعاف مصر، لوأد حلم التحرر والخروج من فك الاستعمار، والذى انطلق من القاهرة كالريح الصرصر العاتية ليصل إلى عواصم الدول العربية والأفريقية، ولذلك استقر فى ذهن الجميع أن مصر لن تكون قادرة على مجرد التفكير فى خوض القتال أو تحريك أى جندى إلى شرق القناة،، فقد استطاع العدو الإسرائيلى إنشاء ساتر ترابى على الضفة الشرقية، هو الأضخم فى التاريخ العسكرى، وتخللته نقاط حصينة لخط بارليف، وأمام كل ذلك مجرى مائى، مما يعنى 3 معوقات من المحال قهرها والعبور إلى الضفة الأخرى للقناة، وتنبأت كافة المراكز البحثية العسكرية، أن الوضع القائم سيظل كما هو لعشرات السنين.
رغم تلك الظروف غير المواتية، والتى تجعل التفكير، مجرد التفكير فى الحرب، ضربا من الجنون، يأتى القرار الأعظم، قرار العبور، قرارا اتخذه بشجاعة وجراءة الرئيس البطل محمد أنور السادات، مستندا على إرادة شعب يستطيع فعل المستحيل فى وقت الشدة، و لن يرضى بغير عودة أرضه حتى أخر حبة رمل، ومرتكزا على قوة وبسالة جيش، هم خير أجناد الأرض، جيشا الجندى فيه بجيش، ولن يضع سيفه فى غمده، وهناك محتل يجثم على قطعة غالية من الأرض المقدسة، فاندفع جنود الله فى الأرض كالسيل الهادر، واتردوا الأرض المباركة ورفعوا العلم المصرى خفاقا علي ترابها.
كانت حرب أكتوبر، ساحة كبيرة، لإظهار قوة وإقدام الجندى المصرى، فشهدت رحاها أسمى وارفع درجات الشجاعة، وسطر الجندى المصرى بين دفتى كتاب النصر، أروع صفحات الصمود والشموخ والعزة، ومهما قرأنا وسمعنا منها، فحتى الآن لم تفصح حرب اكتوبرعن كافة قصص البطولات التى حدثت من رجال الجيش المصرى البواسل ، ما زالت قصص النصر التى تروى أجيال وراء أجيال، نقطة فى بحر ما حدث، فالحرب مازالت فى جعبتها الكثير من تلك الأوراق، كما أن هناك صفحات بطولية خارقة، سطورها محفورة فى قلوب شهدائنا الأبرار.
كان نصر أكتوبر يوما خالدا فى تاريخ الأمة العربية، أخرجها من حالة الانكسار والهزيمة، إلى ساحة النصر، ورفع قيمة وقدر الإنسان العربى أمام العالم، كما أحبط خطط ومؤامرات بعض القوى العالمية لتقسيم الوطن العربى، وأصبح للعرب قوة ومهابة، خاصة بعد أن شهد حرب أكتوبر الئام الوطن العربى تحت راية الحرب، ووقوفهم يدا بيد فى وجه العدو المشترك، فكان النصر.
تحية تقدير وإجلال لكل جندى وصف ضابط وضابط، سطروا أروع أيات البطولة ووضعوا أرواحهم فوق أكفهم وتسلحوا بأيمانهم، وعبروا واستردوا ترابا مسلوبا وكرامة مهدورة وكبرياء مفقود.
وتحية وأجلال لصاحب قرار الحرب، البطل المصرى، محمد أنور السادات، القائد الفذ الذى أبهر العالم بقرار الحرب والنصر، وتحية واجبة لكل القيادات التى شاركت فى حرب العزة والكرامة، وتحية وعرفان لكل شهدائنا الأبرار.
6 أكتوبر، يوما للفخر والعزة والكرامة، وسيظل هكذا خالدا فى ذاكرة الأمة العربية، وقصصا تروى جيلا بعد جيل، ليؤكد أننا شعبا لن نرضى بغير الشموخ والكبرياء، وأننا شعب عندما نريد نفعل، وعندما نحلم نحقق الحلم.